للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ انْعِدَامُ السَّبَبِ فِي حَقِّهِ مِنْ الْأَصْلِ حِينَ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ.

وَإِذَا اشْتَرَى دَارًا بِعَبْدٍ وَاشْتَرَطَ الْخِيَارَ ثَلَاثًا لِمُشْتَرِي الدَّارِ فَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ، فَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ يَدِ مُشْتَرِيهَا، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ رَدِّهَا، وَذَلِكَ مُوجِبٌ لَهُ الْبَيْعَ فِيهَا، فَإِنْ سَلَّمَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ وَأَبْطَلَ خِيَارَهُ سَلَّمَ الْعَبْدَ لِلْبَائِعِ، فَإِنْ أَبَى أَنْ يُسَلِّمَ الْبَيْعَ أَخَذَ عَبْدَهُ وَدَفَعَ قِيمَةَ الْعَبْدِ الَّذِي أَخَذَهَا مِنْ الشَّفِيعِ إلَى الْبَائِعِ، وَلَا يَكُونُ أَخْذُ الشَّفِيعِ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ اخْتِيَارًا مِنْ الْمُشْتَرِي لِلْبَيْعِ وَإِسْقَاطًا لِخِيَارِهِ فِي الْعَبْدِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهَا الْمُشْتَرِي، فَذَلِكَ اخْتِيَارٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ تَصَرُّفٌ بِبَيِّنَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ، فَيَكُونُ دَلِيلَ الرِّضَا بِهِ وَإِسْقَاطَ خِيَارِهِ

فَأَمَّا أَخْذُ الشَّفِيعِ مِنْ يَدِهِ يَكُونُ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَاخْتِيَارِهِ، وَإِنَّمَا يَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ بِحَقٍّ يَثْبُتُ لَهُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي، أَلَا تَرَى أَنَّهُ كَانَ لَهُ حَقُّ الْأَخْذِ مِنْ الْبَائِعِ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ اخْتِيَارًا مِنْ الْمُشْتَرِي، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ عِنْدَهُ، أَوْ عُرِفَتْ؛ لِأَنَّ تَعَذُّرَ الرَّدِّ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ بِسَبَبٍ حَادِثٍ بَعْدَ قَبْضِهِ فَيُجْعَلُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ اخْتِيَارِهِ، فَأَمَّا عِنْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ تَعَذَّرَ الرَّدُّ عَلَيْهِ بِحَقٍّ كَانَ سَابِقًا عَلَى قَبْضِهِ؛ فَلِهَذَا لَا يُجْعَلُ ذَلِكَ اخْتِيَارًا مِنْهُ وَيَبْقَى هُوَ فِي الْعَبْدِ عَلَى خِيَارِهِ، فَإِذَا فُسِخَ الْعَقْدُ فِي الْعَبْدِ يُجْعَلُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِيهِ بِالْهَلَاكِ فِي يَدِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْبَائِعِ الْقِيمَةَ الْمَقْبُوضَةَ مِنْ الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي سُلِّمَتْ لَهُ بِسَبَبِ يَدِهِ عَلَى الدَّارِ فَيَرُدُّهَا عَلَى الْبَائِعِ كَمَا يَرُدُّ الدَّارَ لَوْ كَانَتْ فِي يَدِهِ

وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْبَائِعِ كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَيُسَلِّمَ الْعَبْدَ لِلْمُشْتَرِي لِانْتِقَاضِ الْبَيْعِ بَيْنَهُمَا حِينَ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ، وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَهَلَكَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْبَائِعِ انْتَقَضَ الْبَيْعُ وَرَدَّ الْمُشْتَرِي الدَّارَ وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِقِيمَةِ الْعِوَضِ؛ لِمَا بَيَّنَّا أَنْ حَقَّ الشُّفْعَةِ ثَبَتَ لَهُ بِقِيمَةِ الْعِوَضِ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَدَاءِ ذَلِكَ بَعْدَ هَلَاكِ الْعِوَضِ فِي يَدِ مُشْتَرِي الدَّارِ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِبَائِعِ الدَّارِ فِيهَا، أَوْ فِي الْعَبْدِ لَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ فِيهَا شُفْعَةٌ حَتَّى يُوجِبَ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ فِي أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ، فَذَلِكَ مِنْهُ شَرْطٌ لِلْخِيَارِ فِي الْعِوَضِ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَا شُفْعَةَ فِي ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَسْقُطَ خِيَارُهُ قَبْلَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ الْبَيْعُ جَائِزٌ، وَلَكِنْ بِخِيَارِ الْبَائِعِ لَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ حَتَّى يَسْقُطَ خِيَارُهُ، أَوْ يَسْقُطُ ذَلِكَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ لِلشَّفِيعِ فِيهِ الشُّفْعَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ

[بَابُ مَا لَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ مِنْ النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ]

قَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: قَدْ بَيَّنَّا فِي النِّكَاحِ أَنْ الْمُهُورَ لَا تُسْتَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ عِنْدَنَا وَتُسْتَحَقُّ عِنْدَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>