يَرْوُونَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَ قَوْلِ زَيْدٍ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ ثُلُثَ مَا بَقِيَ كَمَا هُوَ أَصْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ صَاحِبُ فَرْضٍ فَإِنَّهُ يَعْتَبِرُ لِلْجَدِّ ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ يَرْوُونَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ السُّدُسَ وَالْمُقَاسَمَةُ هُنَا كَمَا هُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَهُوَ يَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ صَاحِبُ فَرْضٍ وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ هُنَاكَ إنَّمَا جَعَلْنَا لِلْجَدِّ الثُّلُثَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ نِصْفُ نَصِيبِ الْأَبِ مَعَ الْأُمِّ وَضِعْفُ نَصِيبِ الْجَدَّةِ، وَقَدْ تَغَيَّرَ ذَلِكَ بِوُجُودِ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ وَمَتَى وَقَعَ التَّغَيُّرُ فِي فَرِيضَةٍ فَالْأَصْلُ فِيهَا الْمُنَاصَفَةُ كَمَا فِي فَرِيضَةِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَفَرِيضَةِ الْأُمِّ بِالْإِخْوَةِ فَلِهَذَا اعْتَبَرْنَا لَهُ السُّدُسَ وَالْمُقَاسَمَةَ يُوَضِّحُهُ أَنَّ ثُلُثَ مَا بَقِيَ غَيْرُ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ فِي الْفَرَائِضِ وَإِثْبَاتُ مِقْدَارِ الْفَرِيضَةِ لَا يَكُونُ بِالرَّأْيِ بِخِلَافِ زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ وَامْرَأَةٍ فَإِنَّا إذَا جَعَلْنَا لِلْأُمِّ ثُلُثَ مَا بَقِيَ فِي زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ كَانَ ذَلِكَ سُدُسَ جَمِيعِ الْمَالِ، وَفِي فَرِيضَةِ السُّدُسِ نَصٌّ.
وَإِذَا جَعَلْنَا لَهَا ثُلُثَ مَا بَقِيَ بِامْرَأَةٍ وَأَبَوَيْنِ كَانَ ذَلِكَ رُبُعَ جَمِيعِ الْمَالِ، وَفِي فَرِيضَةِ الرُّبُعِ نَصٌّ. فَأَمَّا لَوْ جَعَلْنَا لِلْجَدِّ ثُلُثَ مَا بَقِيَ بَعْدَ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ مُوَافِقًا لِفَرْضٍ مَنْصُوصٍ عَلَى كُلِّ حَالِّ فَيَكُونُ إثْبَاتُ فَرِيضَةٍ بِالرَّأْيِ.
[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي الِابْنَةِ مَعَ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ]
وَالْفَصْلُ السَّادِسُ فِي الِابْنَةِ مَعَ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ فَإِنَّ عَلَى قَوْلِ عَلِيٍّ الْجَدُّ صَاحِبُ فَرِيضَةٍ هُنَا وَفَرِيضَتُهُ السُّدُسُ، وَعِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَزَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يَكُونُ هُوَ عَصَبَةً يُقَاسِمُ الْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ مَا بَقِيَ بَعْدَ نَصِيبِ الِابْنَةِ فَهُمَا يَقُولَانِ الِابْنَةُ صَاحِبَةُ فَرْضٍ فَتَكُونُ كَغَيْرِهَا مِنْ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ وَالْجَدُّ عَصَبَةٌ مَعَ سَائِرِ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ وَيُقَاسِمُ الْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ مَا بَقِيَ. فَكَذَلِكَ مَعَ الِابْنَةِ وَجْهُ قَوْلِ عَلِيٍّ أَنَّ الْجَدَّ أَبٌ وَالْأَبُ صَاحِبُ فَرْضٍ مَعَ الْوَلَدِ بِالنَّصِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: ١١] إلَّا أَنَّا جَعَلْنَا الْأَبَ الْأَدْنَى مَعَ الِابْنَةِ عَصَبَةً فِيمَا بَقِيَ بَعْدَ مَا جَعَلْنَاهُ صَاحِبَ فَرْضٍ فَلَوْ أَعْطَيْنَا لِلْجَدِّ حُكْمَ الْعُصُوبَةِ كُنَّا قَدْ سَوَّيْنَاهُ بِالْأَبِ فَحَجَبَ الْإِخْوَةَ، وَلَا يُزَاحِمُهُمْ، وَذَلِكَ لَا يَسْتَقِيمُ فَلَا نَجْعَلُ لَهُ حَظًّا مِنْ الْعُصُوبَةِ هُنَا.
وَالْفَصْلُ السَّابِعُ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ فِيمَا إذَا تَرَكَ ابْنَةً وَجَدًّا وَأُخْتًا فَعَلَى قَوْلِ زَيْدٍ لِلِابْنَةِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ.
وَعَلَى قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَوْ انْفَرَدَ مَعَ الِابْنَةِ اسْتَحَقَّ مَا بَقِيَ بِطَرِيقِ الْعُصُوبَةِ فَالْأُخْتُ مَعَ الِابْنَةِ عَصَبَةٌ وَكَذَلِكَ الْجَدُّ فَعِنْدَ الِاجْتِمَاعِ الْأُخْتُ لَا تَصِيرُ عَصَبَةً بِالْجَدِّ وَإِنَّمَا يُفَضَّلُ الذَّكَرُ عَلَى الْأُنْثَى فِي الْعَصَبَةِ إذَا صَارَتْ الْمَرْأَةُ عَصَبَةً بِالذَّكَرِ. فَأَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ فَلَا وَصَارَ هَذَا كَمَا لَوْ أَعْتَقَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ عَبْدًا كَانَ مِيرَاثُهُ بِالْوَلَاءِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَهَذَا بِخِلَافِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute