للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهَا وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ أَعْطَيْتهَا نَفَقَتَهَا وَأَنْكَرَتْ هِيَ الِاسْتِيفَاءَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا مَعَ يَمِينِهَا، فَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الرَّسُولُ أَنَّهُ أَعْطَاهَا وَلَوْ أَقَرَّتْ بِالِاسْتِيفَاءِ، ثُمَّ مَاتَتْ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَفِي حَقِّ الزَّوْجِ فِي الِاسْتِرْدَادِ مِنْ التَّرِكَةِ خِلَافٌ كَمَا بَيَّنَّا فِيمَا سَبَقَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَقْبُوضُ بِعَيْنِهِ قَائِمًا، أَوْ يَكُونَ مُسْتَهْلَكًا عَلَى الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ

[بَابُ حُكْمِ الْوَلَدِ عِنْدَ افْتِرَاقِ الزَّوْجَيْنِ]

اعْلَمْ بِأَنَّ الصِّغَارَ لِمَا بِهِمْ مِنْ الْعَجْزِ عَنْ النَّظَرِ لِأَنْفُسِهِمْ وَالْقِيَامِ بِحَوَائِجِهِمْ؛ جَعَلَ الشَّرْعُ وِلَايَةَ ذَلِكَ إلَى مَنْ هُوَ مُشْفِقٌ عَلَيْهِمْ فَجَعَلَ حَقَّ التَّصَرُّفِ إلَى الْآبَاءِ لِقُوَّةِ رَأْيِهِمْ مَعَ الشَّفَقَةِ وَالتَّصَرُّفِ يَسْتَدْعِي قُوَّةَ الرَّأْيِ وَجَعَلَ حَقَّ الْحَضَانَةِ إلَى الْأُمَّهَاتِ لِرِفْقِهِنَّ فِي ذَلِكَ مَعَ الشَّفَقَةِ وَقُدْرَتِهِنَّ عَلَى ذَلِكَ بِلُزُومِ الْبُيُوتِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأُمَّ أَحْفَى وَأَشْفَقُ مِنْ الْأَبِ عَلَى الْوَلَدِ فَتَتَحَمَّلُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَشَقَّةِ مَا لَا يَتَحَمَّلُهُ الْأَبُ وَفِي تَفْوِيضِ ذَلِكَ إلَيْهَا زِيَادَةُ مَنْفَعَةٍ لِلْوَلَدِ وَالْأَصْلُ فِيهِ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - «أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ إنَّ وَلَدِي هَذَا قَدْ كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً وَأَنَّ هَذَا يُرِيدُ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنِّي فَقَالَ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجِي» وَلَمَّا خَاصَمَ عُمَرُ أُمَّ عَاصِمٍ بَيْن يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِيَنْتَزِعَ عَاصِمًا مِنْهَا قَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رِيحُهَا خَيْرٌ لَهُ مِنْ سَمْنٍ وَعَسَلٍ عِنْدَك وَفِي رِوَايَةٍ رِيقُهَا خَيْرٌ لَهُ يَا عُمَرُ فَدَعْهُ عِنْدَهَا حَتَّى يَشِبَّ وَفِي رِوَايَةٍ دَعْهُ فَرِيحُ لِفَاعِهَا خَيْرٌ لَهُ مِنْ سَمْنٍ وَعَسَلٍ عِنْدَك إذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ إذَا فَارَقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَلَهُمَا وَلَدٌ فَالْأُمُّ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهَا حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا، فَإِنْ كَانَ غُلَامًا فَحَتَّى يَأْكُلَ وَحْدَهُ وَيَشْرَبَ وَحْدَهُ وَيَلْبَسَ وَحْدَهُ وَفِي نَوَادِرِ دَاوُد بْنِ رَشِيدٍ وَيَسْتَنْجِيَ وَحْدَهُ، وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً فَهِيَ أَحَقُّ بِهَا حَتَّى تَحِيضَ وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَسْتَوِيَ الْغُلَامُ وَالْجَارِيَةُ فِي ذَلِكَ وَإِذَا اسْتَغْنَيَا يَكُونُ الْأَبُ أَحَقَّ بِهِمَا؛ لِأَنَّ لِلْأُمِّ حَقَّ الْحَضَانَةِ وَذَلِكَ يَنْتَهِي إذَا اسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ وَالْحَاجَةُ إلَى الْحِفْظِ بَعْدَ ذَلِكَ وَالْأَبُ أَقْدَرُ عَلَى الْحِفْظِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تَعْجِزُ عَنْ حِفْظِ نَفْسِهَا وَتَحْتَاجُ إلَى مَنْ يَحْفَظُهَا عَلَى مَا قِيلَ النِّسَاءُ لَحْمٌ عَلَى وَضَمٍ إلَّا مَا ذَبَّ عَنْهُنَّ فَكَيْف تَقْدِرُ عَلَى حِفْظِ غَيْرِهَا وَلَكِنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ فَقُلْنَا الْجَارِيَةُ.

وَإِنْ اسْتَغْنَتْ عَنْ التَّرْبِيَةِ فَقَدْ احْتَاجَتْ إلَى تَعَلُّمِ الْغَزْلِ وَالطَّبْخِ وَغَسْلِ الثِّيَابِ وَالْأُمُّ عَلَى ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>