[بَابُ عِتْقِ مَا فِي الْبَطْنِ]
(قَالَ) رَجُلٌ قَالَ لِجَارِيَتِهِ كُلُّ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فَهُوَ حُرٌّ فَمَا وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِهِ فَهُوَ حُرٌّ لِأَنَّ مِلْكَ الْأُمِّ سَبَبٌ لِمِلْكِ الْوَلَدِ فَإِنَّ الْجَنِينَ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الْمِلْكِ وَقِيَامُ سَبَبِ الْمِلْكِ عِنْدَ التَّعْلِيقِ كَقِيَامِ الْمِلْكِ فِي صِحَّةِ التَّعْلِيقِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ فِي الْيَمِينِ الْمُضَافِ جُعِلَ التَّعْلِيقُ بِسَبَبِ الْمِلْكِ وَهُوَ الشِّرَاءُ كَالتَّعْلِيقِ بِالْمِلْكِ وَلَوْ كَانَ الْمِلْكُ مَوْجُودًا فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يُلَاقِيهِ وَقْتَ التَّعْلِيقِ كَانَ التَّعْلِيقُ صَحِيحًا فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ سَبَبُ الْمِلْكِ مَوْجُودًا وَلَا يَعْتِقُ مَا لَمْ تَلِدْ لِأَنَّهُ جَعَلَ شَرْطَ الْعِتْقِ الْوِلَادَةَ
وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى وَهِيَ حُبْلَى ثُمَّ وَلَدَتْهُ لَمْ تَعْتِقْ لِأَنَّهَا صَارَتْ مِلْكًا لِلْوَارِثِ بِالْمَوْتِ فَإِنَّمَا وُجِدَ الشَّرْطُ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِ الْمُعْتِقِ، وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهَا الْمَوْلَى وَهِيَ حُبْلَى جَازَ بَيْعُهُ لِقِيَامِ مِلْكِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى تَسْلِيمِهَا وَإِذَا وَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تَعْتِقْ لِأَنَّ الشَّرْطَ وُجِدَ فِي غَيْرِ مِلْكِ الْحَالِفِ
وَإِنْ ضَرَبَ ضَارِبٌ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْهُ مَيِّتًا كَانَ فِيهِ مَا فِي جَنِينِ الْأَمَةِ لِأَنَّهُ مَادَامَ فِي الْبَطْنِ فَهُوَ رَقِيقٌ
وَلَوْ كَانَ قَالَ كُلُّ وَلَدٍ تَحْبَلِينَ بِهِ فَهُوَ حُرٌّ كَانَ فِيهِ مَا فِي جَنِينِ الْحُرِّ لِأَنَّ شَرْطَ الْعِتْقِ هُنَا وُجُودُ الْحَبَلِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ الضَّرْبِ فَإِنَّمَا وُجِدَتْ جِنَايَةُ الضَّارِبِ عَلَى جَنِينٍ هُوَ حُرٌّ وَإِنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ الْبَيْعِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ حُرٌّ وَالْبَيْعُ بَاطِلٌ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا بِوُجُودِ الْوَلَدِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَحُرِّيَّتِهِ فَإِنَّمَا بَاعَهَا وَفِي بَطْنِهَا وَلَدٌ حُرٌّ فَيَكُونُ الْبَيْعُ بَاطِلًا
وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ غُلَامًا فَهُوَ حُرٌّ وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ غُلَامَيْنِ وَجَارِيَتَيْنِ، فَإِنْ عُلِمَ أَنَّ الْغُلَامَ أَوَّلُ مَا وَلَدَتْ فَهُوَ حُرٌّ وَالْبَاقُونَ أَرِقَّاءُ، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّ الْجَارِيَةَ أَوَّلُ مَا وَلَدَتْ فَهِيَ مَمْلُوكَةٌ وَالْبَاقُونَ مَعَ الْأُمِّ أَحْرَارٌ لِأَنَّ بِوِلَادَةِ الْجَارِيَةِ الْأُولَى عَتَقَتْ الْأَمَةُ وَإِنَّمَا عَتَقَتْ بَعْدَ انْفِصَالِ هَذِهِ الْجَارِيَةِ عَنْهَا فَكَانَتْ هِيَ مَمْلُوكَةٌ وَالْبَاقُونَ أَحْرَارٌ لِأَنَّهُمْ انْفَصَلُوا مِنْهَا بَعْدَ حُرِّيَّتِهَا وَالْوَلَدُ لَا يَنْفَصِلُ مِنْ الْحُرَّةِ إلَّا حُرًّا وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَيُّهُمْ أَوَّلٌ يَعْتِقُ مِنْ الْأُمِّ نِصْفُهَا لِأَنَّهَا تَعْتِقُ فِي حَالٍ وَتُرَقُّ فِي حَالٍ وَيَعْتِقُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغُلَامَيْنِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا حُرٌّ بِيَقِينٍ فَإِنَّهَا إنْ وَلَدَتْ الْغُلَامَ أَوَّلًا فَهَذَا الْغُلَامُ حُرٌّ وَإِنْ وَلَدَتْ الْجَارِيَةَ أَوَّلًا فَالْغُلَامَانِ يَعْتِقَانِ بِعِتْقِ الْأُمِّ فَأَحَدُهُمَا حُرٌّ بِيَقِينٍ وَالْآخَرُ يَعْتِقُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ فَيَعْتِقُ نِصْفُهُ، ثُمَّ حُرِّيَّةٌ وَنِصْفٌ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَيَعْتِقُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ وَيَسْعَى فِي رُبْعِ قِيمَتِهِ وَيَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْجَارِيَتَيْنِ رُبْعُهَا لِأَنَّ إحْدَاهُمَا أَمَةٌ بِيَقِينٍ وَالْأُخْرَى تَعْتِقُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ فَإِنَّهَا إنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute