فِي الْبَيْعِ إلَّا بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ يَعْرِضُ الْفَضْلَ فَهُوَ وَالْمَوْضُوعَةُ فِي الْأَرْضِ سَوَاءٌ بِخِلَافِ النَّخِيلِ فَإِنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْأَرْضِ كَالْبِنَاءِ فَيَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ، فَإِذَا أَكَلَهَا الْبَائِعُ ثُمَّ أَثْمَرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ مِرَارًا فَأَكَلَهُ الْبَائِعُ فَالْأَصْلُ فِي تَخْرِيجِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ ثُلُثَ الثَّمَنِ يَسْقُطُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِأَكْلِ الْبَائِعِ الثِّمَارَ الْمَوْجُودَةِ؛ لِأَنَّ الثِّمَارَ الْحَادِثَةَ بَعْدَ ذَلِكَ لَيْسَتْ بِزِيَادَةٍ فِي الثِّمَارِ الْمَوْجُودَةِ وَهِيَ مَقْصُودَةٌ لَا تَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ إلَّا بِالذِّكْرِ فَيُقْسَمُ الثَّمَنُ أَوَّلًا عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ وَعَلَى قِيمَةِ النَّخْلِ وَقِيمَةِ الثِّمَارِ الْمَوْجُودَةِ وَقْتَ الْعَقْدِ.
وَقَدْ اسْتَوَتْ الْقِيَمُ فَتُقَسَّمُ أَثْلَاثًا وَيَسْقُطُ عَنْ الْمُشْتَرِي ثُلُثُ الثَّمَنِ حِصَّةُ الثِّمَارِ الْمَوْجُودَةِ وَأَمَّا ثُلُثَا الثَّمَنِ حِصَّةُ الْأَرْضِ وَالنَّخِيلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَبِمَنْزِلَةِ جَمِيعِ الثَّمَنِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فِي حُكْمِ الِانْقِسَامِ عَلَى قِيمَتِهَا وَقِيمَةِ مَا أَكَلَ الْبَائِعُ مِنْ الثِّمَارِ الْحَادِثَةِ عَلَى نَحْوِ مَا خَرَّجْنَا فِي الْمَسْأَلَة الْأُولَى قَالَ: فَإِنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ الَّتِي حَدَثَتْ بَعْدَ الْبَيْعِ لَمْ يَأْكُلْهَا الْبَائِعُ وَلَكِنْ أَصَابَتْهَا آفَةٌ مِنْ السَّمَاءِ فَذَهَبَتْ لَهَا وَنَقَصَتْ تِلْكَ النَّخْلَ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُمَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا؛ لِأَنَّ الثِّمَارَ الْحَادِثَةَ لَمَّا فَاتَتْ مِنْ غَيْرِ صُنْعِ أَحَدٍ لَمْ يَكُنْ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ وَصَارَتْ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ فَنَفَى النُّقْصَانَ الْمُتَمَكِّنَ فَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي لِأَجْلِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ النَّخْلُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ خِيَارٌ وَهُوَ لَازِمٌ لَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الثِّمَارَ الْحَادِثَةَ لَمَّا هَلَكَتْ بِغَيْرِ صُنْعِ أَحَدٍ صَارَتْ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ وَأَمَّا الثِّمَارُ الْمَوْجُودَةُ عِنْدَ الْعَقْدِ فَسَوَاءٌ هَلَكَتْ بِغَيْرِ صُنْعِ أَحَدٍ أَوْ تَنَاوَلَهَا الْبَائِعُ سَقَطَ عَنْ الْمُشْتَرِي حِصَّتُهَا مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ مَقْصُودَةً بِالْعَقْدِ وَقَدْ فَاتَ الْقَبْضُ الْمُسْتَحَقُّ بِهَلَاكِهَا فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فِيهَا وَيَسْقُطُ عَنْ الْمُشْتَرِي حِصَّتُهَا مِنْ الثَّمَنِ وَلَهُ الْخِيَارُ فِي أَخْذِ الْأَرْضِ وَالنَّخْلِ سَوَاءٌ هَلَكَتْ مِنْ صُنْعِ أَحَدٍ أَوْ تَنَاوَلَهَا الْبَائِعُ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّمَامِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَى جَارِيَتَيْنِ فَهَلَكَتْ إحْدَاهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ جِنَايَةِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى الْمَبِيعِ]
قَبْلَ الْقَبْضِ قَالَ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى قَطَعَ الْبَائِعُ يَدَهُ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَبْدَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ تَغَيَّرَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ وَتَعَيَّبَ بِصُنْعِهِ فَتَفَرَّقَتْ الصَّفْقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ التَّمَامِ بِفَوَاتِ النِّصْفِ فَإِنَّ الْيَدَ مِنْ الْآدَمِيِّ نِصْفُهُ وَذَلِكَ مُثْبِتٌ الْخِيَارَ لَهُ فَإِنْ اخْتَارَ فَسْخَ الْعَقْدِ سَقَطَ عَنْهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ وَإِنْ اخْتَارَ أَخْذَ الْأَقْطَعِ فَعَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute