للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ اسْتَثْنَاهُ نَصًّا، وَالْهِبَةُ لَا تَبْطُلُ فِي الْجَارِيَةِ بِاسْتِثْنَاءِ مَا فِي الْبَطْنِ نَصًّا بِخِلَافِ الْبَيْعِ.

وَالْأَصَحُّ هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ التَّدْبِيرِ وَالْعِتْقِ فَنَقُولُ بَعْدَ مَا أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا لَوْ وَهَبَ الْأُمَّ جَازَ كَمَا ذُكِرَ هُنَاكَ وَبَعْدَ مَا دَبَّرَ مَا فِي الْبَطْنِ لَوْ وَهَبَ الْأُمَّ لَا يَجُوزُ كَمَا ذُكِرَ هُنَا وَالْفَرْقُ أَنَّ بِالتَّدْبِيرِ لَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَمَّا فِي الْبَطْنِ فَإِذَا وَهَبَ الْأُمَّ بَعْدَ التَّدْبِيرِ فَالْمَوْهُوبُ مُتَّصِلٌ بِمَا لَيْسَ بِمَوْهُوبٍ مِنْ مِلْكِ الْوَاهِبِ فَيَكُونُ فِي مَعْنَى هِبَةِ الْمَشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَأَمَّا بَعْدَ الْعِتْقِ مَا فِي الْبَطْنِ غَيْرُ مَمْلُوكٍ فَالْمَوْهُوبُ غَيْرُ مُتَّصِلٍ بِمَا لَيْسَ بِمَوْهُوبٍ مِنْ مِلْكِ الْوَاهِبِ فَهُوَ كَمَا لَوْ وَهَبَ دَارًا فِيهَا ابْنُ الْوَاهِبِ وَسَلَّمَهَا إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ تَتِمُّ الْهِبَةُ.

فَإِنْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَالْوَلَدُ مُدَبَّرٌ وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَانَ رَقِيقًا لِأَنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْ بِوُجُودِهِ فِي الْبَطْنِ وَقْتَ التَّدْبِيرِ وَإِنْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ أَحَدُهُمَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِيَوْمٍ وَالْآخَرُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِيَوْمٍ فَهُمَا مُدَبَّرَانِ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا بِوُجُودِ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا وَقْتَ التَّدْبِيرِ وَهُمَا تَوْأَمٌ خُلِقَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ فَمِنْ ضَرُورَةِ وُجُودِ أَحَدِهِمَا مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ وُجُودُ الْآخَرِ.

(قَالَ) وَلَوْ دَبَّرَ مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ ثُمَّ كَاتَبَهَا جَازَتْ الْكِتَابَةُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تُعْقَدُ لِلْعِتْقِ وَثُبُوتُ حَقِّ الْعِتْقِ فِي الْوَلَدِ لَا يَمْنَعُ عَقْدَ الْعِتْقِ فِي الْأُمِّ، وَإِنْ وَضَعَتْ بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَانَ التَّدْبِيرُ فِي الْوَلَدِ صَحِيحًا وَلَكِنْ يَثْبُتُ أَيْضًا فِي الْوَلَدِ فِي حُكْمِ الْكِتَابَةِ تَبَعًا لِلْأُمِّ فَإِذَا أَدَّتْ عَتَقَا جَمِيعًا وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ أَنْ تُؤَدِّيَ عَتَقَ الْوَلَدُ بِالتَّدْبِيرِ مِنْ الثُّلُثِ وَعَلَى الْأُمِّ السِّعَايَةُ فِي الْمُكَاتَبَةِ عَلَى حَالِهَا وَإِنْ لَمْ يَمُتْ الْمَوْلَى حَتَّى مَاتَتْ الْأُمُّ فَعَلَى الْوَلَدِ أَنْ يَسْعَى فِيمَا عَلَى أُمِّهِ؛ لِأَنَّهُ وَلَدٌ مَوْلُودٌ فِي الْكِتَابَةِ، فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى فَالْوَلَدُ بِالْخِيَارِ؛ لِأَنَّهُ تَلْقَاهُ جِهَتَا حُرِّيَّةٍ أَحَدُهُمَا بِالتَّدْبِيرِ وَالْآخَرُ بِأَدَاءِ كِتَابَةِ الْأُمِّ فَيَخْتَارُ أَنْفَعَ الْوَجْهَيْنِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ عَتَقَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ قَدْ حَصَلَ

(قَالَ) وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ وَلَدُكِ الَّذِي فِي بَطْنِك وَلَدُ مُدَبَّرَةٍ أَوْ وَلَدُ حُرَّةٍ وَهُوَ لَا يُرِيدُ بِهَذَا عِتْقًا لَمْ تَعْتِقْ؛ لِأَنَّ هَذَا تَشْبِيهٌ وَلَيْسَ بِتَحْقِيقٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهَا أَنْتَ مِثْلُ الْحُرَّةِ أَوْ الْمُدَبَّرَةِ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِيمَا سَبَقَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.

[بَابُ مُكَاتَبَةِ الْمُدَبَّرِ]

(قَالَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ مُدَبَّرَهُ ثُمَّ مَاتَ وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>