مِنْ مَالِهِ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ لِأَنَّهُ فِي مِقْدَارِ النِّصْفِ هُوَ أَصِيلٌ فَإِنْ كَانَ الْمَقْبُوضُ النِّصْفَ أَوْ مَا دُونَهُ؛ لَا تَرْجِعُ وَرَثَتُهُ فِي تَرِكَةِ الْآخَرِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ فَحِينَئِذٍ يَضْرِبُونَ بِالْفَضْلِ لِأَنَّهُمْ أَدَّوْا ذَلِكَ بِجِهَةِ كَفَالَةِ صَاحِبِهِمْ عَنْ شَرِيكِهِ بِأَمْرِهِ. فَإِذَا قَبَضُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَانَ الْمَقْبُوضُ لِامْرَأَتِهِ وَلِلطَّالِبِ إنْ بَقِيَ لَهُ شَيْءٌ بِالْحِصَصِ ثُمَّ عِنْدَ ذَلِكَ يَعُودُ الْجَذْرُ الْأَصَمُّ وَمَا لَا طَرِيقَ إلَى مَعْرِفَتِهِ إلَّا مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي قَدَّرْنَا أَنَّ كُلَّ مَا يَسْتَوْفِيهِ الطَّالِبُ يُثْبِتُ لَهُمْ حَقَّ الرُّجُوعِ بِهِ فِي تَرِكَةِ الشَّرِكَةِ؛ فَتُنْتَقَضُ بِهِ الْقِسْمَةُ الْأُولَى. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
[بَابُ ادِّعَاءِ الْكَفِيلِ أَنَّ الْمَالَ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ رِبَا]
(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -): وَإِذَا كَفَلَ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بِأَمْرِهِ ثُمَّ غَابَ الْأَصِيلُ فَادَّعَى الْكَفِيلُ أَنَّ الْأَلْفَ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِخَصْمٍ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْمُطَالَبَةَ بِكَفَالَةٍ صَحِيحَةٍ. وَالْمَالُ يَجِبُ عَلَى الْكَفِيلِ بِالْتِزَامِهِ بِالْكَفَالَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَى الْأَصِيلِ. (أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَأَنَا بِهَا كَفِيلٌ بِأَمْرِهِ وَجَحَدَ الْأَصِيلُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَالَ يَجِبُ عَلَى الْكَفِيلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْأَصِيلِ شَيْءٌ. فَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي ادِّعَائِهِ أَنَّ الْمَالَ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ مَا يُسْقِطُ الْمَالَ عَنْهُ؛ فَلَا يَكُونُ خَصْمًا فِي ذَلِكَ وَهُوَ مَعَ هَذَا مُنَاقِضٌ فِي دَعْوَاهُ لِأَنَّ الْتِزَامَهُ بِالْكَفَالَةِ إقْرَارٌ مِنْهُ أَنَّ الْأَصِيلَ مُطَالِبٌ بِهَذَا الْمَالِ وَالْمُسْلِمُ لَا يَكُونُ مُطَالِبًا بِثَمَنِ خَمْرٍ فَيَكُونُ مُنَاقِضًا فِي قَوْلِهِ أَنَّ الْمَالَ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ، وَالدَّعْوَى مَعَ التَّنَاقُضِ لَا تَصِحُّ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ جَاءَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى إقْرَارِ الطَّالِبِ بِذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الطَّالِبُ يَجْحَدُ ذَلِكَ
وَلَوْ أَرَادَ اسْتِحْلَافَ الطَّالِبِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ يَمِينٌ لِأَنَّ تَوَجُّهَ الْيَمِينِ وَقَبُولَ الْبَيِّنَةِ تَنْبَنِي عَلَى دَعْوَى صَحِيحَةٍ إلَّا أَنْ يُقِرَّ الطَّالِبُ بِذَلِكَ فَحِينَئِذٍ هُوَ مُنَاقِضٌ وَلَوْ صَدَّقَهُ خَصْمُهُ فِي ذَلِكَ وَالتَّصْدِيقُ مِنْ الْخَصْمِ صَحِيحٌ مَعَ كَوْنِهِ مُنَاقِضًا فِي دَعْوَاهُ ثُمَّ إنَّ أَصْلَ سَبَبِ الْتِزَامِ الْمَالِ جَرَى بَيْنَ الْمَطْلُوبِ وَالطَّالِبِ وَالْكَفِيلُ لَيْسَ بِخَصْمٍ فِي ذَلِكَ الْعَقْدِ وَيَدَّعِي مَعْنًى كَانَ فِي ذَلِكَ الْعَقْدِ حَتَّى إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ خُرُوجُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُطَالِبًا بِالْمَالِ وَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهَا بَيِّنَةٌ تَقُومُ لِلْغَائِبِ، وَالْبَيِّنَةُ لِلْغَائِبِ وَعَلَى الْغَائِبِ لَا تُقْبَلُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَنْهُ خَصْمٌ حَاضِرٌ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُشْتَرِي لِلْجَارِيَةِ إذَا ادَّعَى أَنَّهَا زَوْجَةٌ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ وَأَرَادَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ لِيَرُدَّهَا بِالْعَيْبِ لَا يَكُونُ خَصْمًا فِي ذَلِكَ فَهَذَا مِثْلُهُ (وَالْحَوَالَةُ) فِي هَذَا كَالْكَفَالَةِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنًا عَنْ صَاحِبِهِ لِأَنَّ أَصْلَ الْمَالِ عَلَى غَيْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute