للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَا هُوَ أَهَمُّ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ كَالْعِبَادَاتِ، فَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا وَقَبْلَ أَنْ تَحِيضَ حَيْضَةً فَفِي الْقِيَاسِ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا؛ لِأَنَّ أَوَانَ وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ عِنْدَ الْقَبْضِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ عِنْدَ ذَلِكَ فَلَا يَجِبُ مِنْ بَعْدُ كَمَا لَوْ كَانَتْ مَنْكُوحَةً أَوْ مُعْتَدَّةً حِينَ قَبَضَهَا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ حِينِ يَقْبِضُهَا إلَى أَنْ تَحِيضَ حَيْضَةً، فَإِذَا أَسْلَمَ وَقَدْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ وَقْتِ الِاسْتِبْرَاءِ يُجْعَلُ ذَلِكَ لِوُجُودِ الْإِسْلَامِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ كَالْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ فِي آخِرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ يَلْزَمُهُ تِلْكَ الصَّلَاةُ لِهَذَا الْمَعْنَى فَإِنْ وَطِئَهَا قَبْلَ إسْلَامِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا؛ لِأَنَّ وَقْتَ الِاسْتِبْرَاءِ مَا قَبْلَ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَبْرِئُ رَحِمَهَا مِنْ مَاءِ غَيْرِهِ لَا مِنْ مَاءِ نَفْسِهِ وَبَعْدَ الْوَطْءِ لَوْ اسْتَبْرَأَهَا إنَّمَا يَسْتَبْرِئُهَا مِنْ مَاءِ نَفْسِهِ.

قَالَ: وَإِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً مَجُوسِيَّةً فَحَاضَتْ عِنْدَهُ حَيْضَةً ثُمَّ أَسْلَمَتْ حَلَّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْحَيْضَةَ وُجِدَتْ بَعْدَ تَمَامِ الْمِلْكِ لَهُ فِيهَا فَيَجْتَزِئُ بِهَا مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ مُحْرِمَةً فَحَاضَتْ فِي إحْرَامِهَا ثُمَّ حَلَّتْ.

قَالَ: وَإِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً هِيَ أُخْتُ الْبَائِعِ مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ كَانَتْ حَرَامًا عَلَيْهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَعَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا؛ لِأَنَّهُ حَدَثَ لَهُ فِيهَا مِلْكُ الْحِلِّ بِسَبَبِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ فَهُوَ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهَا مِنْ امْرَأَةٍ.

قَالَ: وَإِنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى رَدَّهَا بِخِيَارٍ أَوْ عَيْبٍ فَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ ضَمَانِ مِلْكِهِ حِين عَادَتْ إلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[بَابٌ آخَرُ مِنْ الْخِيَارِ]

قَالَ وَإِذَا رَأَى رَجُلٌ عِنْد رَجُلٍ جَارِيَةً فَسَاوَمَهُ عَلَيْهَا وَلَمْ يَشْتَرِهَا ثُمَّ رَآهَا بَعْدَ ذَلِكَ مُتَنَقِّبَةً فَاشْتَرَاهَا بِثَمَنٍ مُسَمًّى وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا تِلْكَ الْجَارِيَةُ وَلَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا مَنْطِقٌ يُسْتَدَلُّ بِهِ أَنَّهُ قَدْ عَرَفَهَا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إذَا كَشَفَتْ نِقَابَهَا وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا لَمْ يَرَهُ لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ السَّابِقَةَ لَمْ تُفِدْ لَهُ الْعِلْمَ بِأَوْصَافِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَمَّا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا تِلْكَ الْجَارِيَةُ وَثُبُوتُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ لِلْجَهْلِ بِأَوْصَافِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَإِنَّمَا لِيَسْقُطَ خِيَارُهُ بِرُؤْيَةٍ تُفِيدُهُ الْعِلْمَ بِأَوْصَافِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَمَا لَمْ يُفِدْهُ بِأَوْصَافِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ أَرَأَيْتَ لَوْ رَآهَا عِنْدَهُ ثُمَّ رَآهَا مُتَنَقِّبَةً عِنْدَ آخَرَ وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهَا تِلْكَ الْجَارِيَةُ فَاشْتَرَاهَا أَمَا كَانَ لَهُ الْخِيَارُ إذَا كَشَفَتْ نِقَابَهَا فَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَاهَا مِنْ الْأَوَّلِ.

قَالَ: وَلَوْ نَظَرَ إلَى جِرَابٍ هَرَوِيٍّ فَقَلَبَهُ ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْجِرَابِ قَطَعَ مِنْهُ ثَوْبًا ثُمَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَطَعَ مِنْهُ ثَوْبًا وَلَمْ يُرِهِ إيَّاهُ ثَانِيَةً حَتَّى اشْتَرَاهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إذَا رَآهُ؛ لِأَنَّ الثِّيَابَ عَدَدٌ مُتَفَاوِتٌ وَلِذَا لَا يَجُوزُ

<<  <  ج: ص:  >  >>