وَالْحَلْقَ وَالرُّجُوعَ إلَى مَكَّةَ لِطَوَافِ الزِّيَارَةِ وَالسَّعْيِ ثُمَّ الْعَوْدَ إلَى مِنًى ثُمَّ يَخْطُبُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ يُعَلِّمُهُمْ فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ بَقِيَّةَ أَعْمَالِ الْحَجِّ فَيَكُونُ لِلتَّعْلِيمِ يَوْمٌ وَلِلْعَمَلِ يَوْمٌ فَكَانَ هَذَا أَحْسَنَ مِمَّا ذَهَبَ إلَيْهِ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
[بَاب أَحْكَام سُجُود التِّلَاوَة]
(بَابُ السَّجْدَةِ) (قَالَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رَجُلٌ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي مَكَان ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي صَلَاتِهِ فِي مَوْضِعِهِ فَقَرَأَهَا الْإِمَامُ فَسَجَدَهَا وَسَجَدَ هَذَا الرَّجُلُ مَعَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ الْأُولَى إذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَفِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وَالْجَامِعِ يَقُولُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ الْأُولَى إذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَوَجْهُ تِلْكَ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْمَتْلُوَّ آيَةٌ وَاحِدَةٌ وَالْمَكَانَ مَكَانٌ وَاحِدٌ وَالْمُؤَدَّاةَ أَكْمَلُ فَإِنَّ لَهَا حُرْمَتَيْنِ حُرْمَةُ الصَّلَاةِ وَحُرْمَةُ التِّلَاوَةِ، وَلَوْ كَانَتْ الْمُؤَدَّاةُ مِثْلَ الْأُولَى نَابَتْ عَنْهَا فَإِذَا كَانَتْ أَكْمَلَ مِنْ الْأُولَى فَلَأَنْ تَنُوبَ عَنْهَا أَوْلَى وَوَجْهُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُمَا مُخْتَلِفَتَانِ فِي الْحُكْمِ فَإِنَّ إحْدَاهُمَا صَلَاتِيَّةٌ وَالْأُخْرَى لَيْسَتْ بِصَلَاتِيَّةٍ فَلَا تَدْخُلُ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى كَمَا لَوْ كَانَ الْمَتْلُوُّ آيَتَيْنِ وَقِيلَ إنَّمَا اخْتَلَفَ الْجَوَابُ لِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ فَإِنَّ وَضْعَ الْمَسْأَلَةِ هَهُنَا فِيمَا إذَا أَعَادَهَا الْإِمَامُ فَيَكُونُ هَذَا الرَّجُلُ فِيمَا يَلْزَمُهُ بِحُكْمِ تِلَاوَةِ الْإِمَامِ تَبَعًا، وَالْأُولَى وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِتِلَاوَتِهِ مَقْصُودًا فَلَا تَتَأَدَّى بِالتَّبَعِ وَهُنَاكَ وَضْعُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا قَامَ فَدَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِنَفْسِهِ ثُمَّ قَرَأَهَا فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْصُودًا فِي حَقِّهِ وَالْمُؤَدَّاةُ أَكْمَلُ، فَإِنْ سَهَا الْإِمَامُ فَلَمْ يَسْجُدْهَا فَعَلَى الرَّجُلِ السَّجْدَةُ الْأُولَى وَلَيْسَ عَلَيْهِ الثَّانِيَةُ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ صَلَاتِيَّةٌ عَلَيْهِ فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُؤَدِّيَهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَا فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْإِمَامِ، وَأَمَّا الْأُولَى فَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَمْ تَدْخُلْ فِي الثَّانِيَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ. وَفِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَهَا؛ لِأَنَّهَا دَخَلَتْ فِي الصَّلَاتِيَّةِ فَتَسْقُطُ بِسُقُوطِ الصَّلَاتِيَّةِ عَنْهُ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ افْتَتَحَا التَّطَوُّعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِيَالِهِ فَقَرَأَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سُورَةً لَمْ يَقْرَأْهَا صَاحِبُهُ وَفِيهَا سَجْدَةٌ فَسَجَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الَّتِي قَرَأَهَا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَسْجُدَ لِمَا سَمِعَ مِنْ صَاحِبِهِ إذَا فَرَغَ؛ لِأَنَّ تِلْكَ السَّجْدَةِ سَمَاعِيَّةُ فِي حَقِّهِ لَا صَلَاتِيَّةٌ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ سَمِعَهَا مِنْ رَجُلٍ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ كَانَا قَرَآ سُورَةً وَاحِدَةً فَسَجَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَا كَانَ قَرَأَ فَلَيْسَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَسْجُدَ إذَا فَرَغَ لِمَا سَمِعَ مِنْ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ الْمَتْلُوَّ آيَةٌ وَاحِدَةٌ وَالْمَكَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute