للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يُمَكِّنُ نُقْصَانًا فِي الْبَطْشِ، وَإِنَّمَا يُلْحِقُ بِهِ أَلَمًا وَشَيْنًا فِي الظَّاهِرِ بِاعْتِبَارِ الْأَثَرِ فَيَجِبُ حُكْمُ عَدْلٍ بِاعْتِبَارِهِ وَلَا قِصَاصَ فِيهَا وَإِنْ كَانَ لِلْقَاطِعِ مِثْلُ تِلْكَ الْأُصْبُعِ لِانْعِدَامِ الْمُسَاوَاةِ فِي الْبَدَلِ فَبَدَلُ الْيَدِ يَنْقَسِمُ عَلَى الْأَصَابِعِ الْخَمْسِ أَخْمَاسًا وَلَا يَنْقَسِمُ عَلَى الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ، وَإِنَّمَا الْأُصْبُعُ الزَّائِدَةُ كَالثُّؤْلُولِ، وَإِنْ قَطَعَ الْكَفَّ كُلَّهُ، فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْأُصْبُعُ تُوهِي الْكَفَّ وَتَنْقُصُهَا فَلَا قِصَاصَ فِيهَا وَفِيهَا حُكْمُ عَدْلٍ؛ لِأَنَّ هَذَا نَوْعُ شَلَلٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُمَكِّن نُقْصَانًا فِي مَنْفَعَةِ الْبَطْشِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُنْقِصُهَا وَلَا يُوهِيهَا فَفِيهَا الْقِصَاصُ وَفِي الْخَطَأِ الْأَرْشُ كَامِلًا؛ لِأَنَّ مَا لَا يُمَكِّنُ نُقْصَانًا فِي مَنْفَعَةِ الْبَطْشِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الصِّغَرِ، وَالضَّعْفِ بِسَبَبِ الْمَرَضِ.

وَإِذَا قَطَعَ الرَّجُلُ يَدَ الرَّجُلِ مِنْ الْمَفْصِلِ وَبَرَأَتْ وَاقْتَصَّ وَبَرَأَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ، ثُمَّ قَطَعَ أَحَدُهُمَا ذِرَاعَ صَاحِبِهِ مِنْ تِلْكَ الْيَدِ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَا سَوَاءً إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ: إذَا اسْتَوَيَا يَجِبُ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ قَطْعٌ مِنْ الْمَفْصِلِ فَيُمْكِنُ اعْتِبَارُ الْمُسَاوَاةِ فِيهِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ الْوَاجِبُ فِي الذِّرَاعِ بَعْدَ قَطْعِ الْكَفِّ حُكْمُ عَدْلٍ فَطَرِيقُ مَعْرِفَتِهِ التَّقْوِيمُ فَلَا يُعْلَمُ بِهِ حَقِيقَةُ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَهُمَا فِي الْبَدَلِ وَبِدُونِ ذَلِكَ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ

[بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقِصَاصِ]

(قَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ -) إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ ضَرَبَ رَجُلًا بِالسَّيْفِ فَلَمْ يَزَلْ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ بَلَغَنَا ذَلِكَ عَنْ إبْرَاهِيمَ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ، فَقَدْ ظَهَرَ بِمَوْتِهِ هَذَا السَّبَبُ وَلَمْ يُعَارِضْهُ سَبَبٌ آخَرُ فَيَجِبُ إضَافَةُ الْحُكْمِ إلَيْهِ، وَالرُّوحُ لَا يُمْكِنُ أَخْذُهُ مُشَاهَدَةً، وَإِنَّمَا طَرِيقُ الْوُصُولِ إلَى إزْهَاقِ الرُّوحِ هَذَا، وَهُوَ أَنْ يَجْرَحَهُ فَيَمُوتَ قَبْلَ أَنْ يَبْرَأَ يُوَضِّحُهُ أَنَّهُ لَا طَرِيقَ لَنَا إلَى حَقِيقَةِ مَعْرِفَةِ كَوْنِ الْمَوْتِ مِنْ الضَّرْبَةِ وَمَا لَا طَرِيقَ لَنَا إلَى مَعْرِفَتِهِ لَا تَنْبَنِي عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ، وَإِنَّمَا يَنْبَنِي عَلَى الظَّاهِرِ الْمَعْرُوفِ، وَهُوَ أَنَّهُ يَضْرِبُهُ وَيَكُونُ صَاحِبَ فِرَاشٍ بَعْدَهُ حَتَّى يَمُوتَ وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ الشُّهُودَ هَلْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا لَا فِي الْعَمْدِ وَلَا فِي الْخَطَأِ؛ لِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ لَهُمْ إلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ وَلَوْ شَهِدُوا بِذَلِكَ كَانُوا قَدْ شَهِدُوا بِمَا يَعْلَمُ الْقَاضِي أَنَّهُمْ فِيهِ كَذَبَةٌ فَكَيْفَ يَحْمِلُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ بِالسُّؤَالِ عَنْ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُمْ إنْ شَهِدُوا أَنَّهُ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ تَبْطُلْ شَهَادَتُهُمْ وَجَازَتْ إنْ كَانُوا عُدُولًا؛ لِأَنَّهُمْ اعْتَدُّوا فِي ذَلِكَ دَلِيلًا شَرْعِيًّا، وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَرَّرْنَا، وَإِنْ كَانَ بِهَذَا الطَّرِيقِ يَحْصُلُ عِلْمُ الْقَضَاءِ وَيَحْصُلُ لَهُ أَيْضًا عِلْمُ الشَّهَادَةِ إلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>