بِنَاءً عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي السُّكْنَى مُدَّةَ خِيَارٍ الشَّرْطِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ فَقَالَ حَقُّهُ هُنَا فِي الْمُطَالَبَةِ بِالْجُزْءِ الْفَائِتِ وَفِي إسْقَاطِ حَقِّهِ إضْرَارٌ بِهِ وَمُجَرَّدُ السُّكْنَى مِنْهُ لَا يَكُونُ رِضًا بِالْتِزَامِ الضَّرَرِ فَأَمَّا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ حَقُّهُ فِي الْفَسْخِ فَقَطْ وَفِي جَعْلِ السُّكْنَى بِمَنْزِلَةِ الرِّضَا إسْقَاطٌ لِحَقِّهِ فِي الْفَسْخِ وَلَكِنْ لَيْسَ فِي ذَلِكَ كَثِيرُ ضَرَرٍ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ رَدُّهُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ، وَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ بِالْعَيْبِ رَجَعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ.
وَإِذَا رَكِبَ الدَّابَّةَ أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ أَوْ سَقَى الزَّرْعَ فَهَذَا رِضَاءٌ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ لَا يَفْعَلُهُ الْإِنْسَانُ إلَّا فِي مِلْكِهِ عَادَةً، وَإِنْ لَبِسَ الثَّوْبَ لِيَنْظُرَ إلَى قَدِّهِ أَوْ قَالَ: قَدْرِهِ فَهَذَا رِضَاءٌ بِالْعَيْبِ وَلَيْسَ بِرِضَا فِي الْخِيَارِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَشْتَرِطُ الْخِيَارَ لِهَذَا حَتَّى يَنْظُرَ أَنَّهُ صَالِحٌ لَهُ أَمْ لَا وَلَا يَعْرِفُ ذَلِكَ إلَّا بِاللُّبْسِ؛ فَلِهَذَا لَا يَجْعَلُ ذَلِكَ دَلِيلَ الرِّضَا مِنْهُ بِسُقُوطِ الْخِيَارِ وَفِي الْعَيْبِ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهُ لِفَوَاتِ صِفَةِ السَّلَامَةِ وَتَمَكُّنِ النُّقْصَانِ فِي الْمَالِيَّةِ وَلَا تَأْثِيرَ لِلُّبْسِ فِي مَعْرِفَةِ ذَلِكَ فَكَأَنَّ لُبْسَهُ الثَّوْبَ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ دَلِيلُ الرِّضَا بِمِلْكِهِ.
وَإِذَا بَاعَ مَا أَصَابَهُ بِالْقِسْمَةِ مِنْ الدَّارِ وَلَا يَعْلَمُ بِالْعَيْبِ فَرَدَّ الْمُشْتَرَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْعَيْبِ فَإِنْ قَبِلَهُ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْقِسْمَةَ؛ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْإِقَالَةِ وَالْإِقَالَةُ فِي حَقِّ شَرِيكِهِ كَالشِّرَاءِ الْمُبْتَدَأِ، وَإِنْ قَبِلَهُ بِقَضَاءِ قَاضٍ فَلَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْقِسْمَةَ وَالْبَيِّنَةُ فِي ذَلِكَ وَإِبَاءُ الْيَمِينِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ لِبَيْعِهِ مِنْ الْأَصْلِ فَعَادَ مِنْ الْحُكْمِ مَا كَانَ قَبِلَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي هَدَمَ مِنْ الدَّارِ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِالْعَيْبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَلَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَلَا يَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ الرَّدُّ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ إخْرَاجِهِ نَصِيبَهُ مِنْ مِلْكِهِ وَفِي نَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - مَوْضِعُ بَيَانِهِ كِتَابُ الصُّلْحِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِي الْقِسْمَةِ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ هُوَ الَّذِي هَدَمَ شَيْئًا مِنْهُ وَلَمْ يَبِعْهُ، ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا رَجَعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فِي أَنْصِبَاءِ شُرَكَائِهِ إلَّا أَنْ يَرْضَوْا بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ وَرَدِّهِ بِعَيْنِهِ مَهْدُومًا؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ الرَّدُّ لَدَفَعَ الضَّرَرِ عَنْهُمْ فَإِذَا رَضُوا بِذَلِكَ رَدَّ عَلَيْهِمْ وَإِذَا أَبَوْا أَنْ يَرْضَوْا بِهِ فَكَمَا يَجِبُ النَّظَرُ لَهُمْ يَجِبُ النَّظَرُ لِمَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ؛ فَلِهَذَا يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عَلَى شُرَكَائِهِ فِي أَنْصِبَائِهِمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ فِي الْقِسْمَةِ]
قَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ نِصْفَيْنِ فَاقْتَسَمَاهَا فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا الثُّلُثَ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute