للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُونَ الْأَرْكَانِ وَلِهَذَا صَحَّ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ قَبْلَ دُخُولِ أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَلَكِنَّا نَقُولُ حِينَ أَحْرَمَ: هُوَ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ أَدَاءِ الْفَرْضِ فَانْعَقَدَ إحْرَامُهُ لِأَدَاءِ النَّفْلِ فَلَا يَصِحُّ أَدَاءُ الْفَرْضِ بِهِ وَهُوَ نَظِيرُ الصَّرُورَةِ إذَا أَحْرَمَ بِنِيَّةِ النَّفْلِ عِنْدَنَا لَا يُجْزِئُهُ أَدَاءُ الْفَرْضِ بِهِ، وَعِنْدَهُ يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ لِلْفَرْضِ وَالْإِحْرَامُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الشَّرَائِطِ عِنْدَنَا، وَلَكِنْ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْكَانِ وَمَعَ الشَّكِّ لَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ الَّذِي ثَبَتَ وُجُوبُهُ بِيَقِينٍ فَلِهَذَا لَا يُجْزِئُهُ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ بِذَلِكَ الْإِحْرَامِ إلَّا أَنْ يُجَدِّدَ إحْرَامَهُ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ بِعَرَفَةَ فَحِينَئِذٍ يُجْزِئُهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْإِحْرَامَ الَّذِي بَاشَرَهُ فِي حَالَةِ الصِّغَرِ كَانَ تَخَلُّقًا، وَلَمْ يَكُنْ لَازِمًا عَلَيْهِ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ فَسْخِهِ بِتَجْدِيدِ الْإِحْرَامِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى بَعْدَ مَا أَحْرَمَ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ جَدَّدَ الْإِحْرَامَ بَعْدَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ إحْرَامَ الْعَبْدِ لَازِمٌ فِي حَقِّهِ لِكَوْنِهِ مُخَاطَبًا فَلَا يَتَمَكَّنُ بَعْدَ الْعِتْقِ مِنْ فَسْخِ ذَلِكَ الْإِحْرَامِ، وَإِنَّمَا طَرِيقُ خُرُوجِهِ مِنْ ذَلِكَ الْإِحْرَامِ أَدَاءُ الْأَفْعَالِ فَسَوَاءٌ جَدَّدَ التَّلْبِيَةَ أَوْ لَمْ يُجَدِّدْ فَهُوَ بَاقٍ فِي ذَلِكَ الْإِحْرَامِ فَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ أُعْتِقَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْوُجُوبِ تَقَرَّرَ فِي حَقِّهِ بِالْعِتْقِ فَلِهَذَا يُجْزِئُهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ.

(قَالَ): وَإِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ فَوَجَبَ عَلَيْهِ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ فَأَهَلَّ بِهَا بَعْدَ سَنَةٍ فِي وَقْتٍ غَيْرِ وَقْتِهِ الْأَوَّلِ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ قَالَ: يُجْزِيهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى لَوْ أَحْرَمَ مِنْ هَذَا الْمِيقَاتِ أَجْزَأَهُ عَمَّا يَلْزَمُهُ لِدُخُولِ مَكَّةَ وَجُعِلَ هَذَا كَعَوْدِهِ إلَى الْمِيقَاتِ الْأَوَّلِ، فَكَذَلِكَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ إذَا جَاءَ إلَى هَذَا الْمِيقَاتِ؛ لِأَنَّ مَنْ حَصَّلَ عِنْدَ مِيقَاتٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ أَهْلِ ذَلِكَ الْمِيقَاتِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.

[بَابُ الَّذِي يَفُوتُهُ الْحَجُّ]

(بَابُ الَّذِي يَفُوتُهُ الْحَجُّ) (قَالَ): - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَجُلٌ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ فَفَاتَهُ فَإِنَّهُ يَحِلُّ بِعُمْرَةٍ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ، قَالَ: وَبَلَغَنَا ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَالْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ مَا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ بِلَيْلٍ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ وَمَنْ فَاتَهُ عَرَفَةَ بِلَيْلٍ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَلْيَتَحَلَّلْ بِالْعُمْرَةِ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ». وَأَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -

<<  <  ج: ص:  >  >>