للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَتَى شَاءَ وَلِهَذَا جَوَّزْنَا الصَّلَاةَ عَلَى الدَّابَّةِ حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ وَفِي السَّفِينَةِ يَلْزَمُهُ التَّوَجُّهُ إلَى الْقِبْلَةِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ كُلَّمَا دَارَتْ السَّفِينَةُ يَتَوَجَّهُ إلَيْهَا لِأَنَّهَا فِي حَقِّهِ كَالْبَيْتِ فَيَلْزَمُهُ التَّوَجُّهُ إلَى الْقِبْلَةِ لِأَدَاءِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَلَا يَصِيرُ مُقِيمًا بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ وَصَاحِبُ السَّفِينَةِ وَغَيْرُهُ فِي هَذَا سَوَاءٌ لِأَنَّ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ حَصَلَتْ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ قَرِيبَةً مِنْ قَرْيَتِهِ فَحِينَئِذٍ هُوَ مُقِيمٌ فِيهَا فِي مَوْضِعِ إقَامَتِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ مُسَافِرًا فِيهَا فَلَا يَصِيرُ مُقِيمًا بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ

(قَالَ): وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْتَمَّ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ السَّفِينَةِ بِإِمَامٍ فِي سَفِينَةٍ أُخْرَى لِأَنَّ بَيْنَهُمَا طَائِفَةً مِنْ النَّهْرِ إلَّا أَنْ يَكُونَا مَقْرُونَيْنِ فَحِينَئِذٍ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا مَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ فَكَأَنَّهُمَا فِي سَفِينَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ السَّفِينَتَيْنِ الْمَقْرُونَتَيْنِ فِي مَعْنَى أَلْوَاحِ سَفِينَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَذَلِكَ إنْ اقْتَدَى مَنْ عَلَى الْحَدِّ بِإِمَامٍ فِي سَفِينَةٍ لَمْ يَجُزْ اقْتِدَاؤُهُ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ أَوْ طَائِفَةٌ مِنْ النَّهْرِ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِيمَا سَبَقَ

(قَالَ): وَمَنْ وَقَفَ عَلَى الْأَطْلَالِ يَقْتَدِي بِالْإِمَامِ فِي السَّفِينَةِ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَمَامَ الْإِمَامِ لِأَنَّ السَّفِينَةَ كَالْبَيْتِ وَاقْتِدَاءُ الْوَاقِفِ عَلَى السَّطْحِ بِمَنْ هُوَ فِي الْبَيْتِ صَحِيحٌ إذَا لَمْ يَكُنْ أَمَامَ الْإِمَامِ

(قَالَ): وَمَنْ خَافَ فَوْتَ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ وَسِعَهُ أَنْ يَقْطَعَ صَلَاتَهُ وَيَسْتَوْثِقَ مِنْ مَالِهِ وَكَذَلِكَ إذَا انْقَلَبَتْ سَفِينَتُهُ أَوْ رَأَى سَارِقًا يَسْرِقُ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمَالِ كَحُرْمَةِ النَّفْسِ فَكَمَا يَسْعَهُ أَنْ يَقْطَعَ صَلَاتَهُ إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ سَبُعٍ فَكَذَلِكَ إذَا خَافَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يَفْصِلْ فِي الْكِتَابِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَأَكْثَرُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - قَدَّرُوا ذَلِكَ بِالدِّرْهَمِ فَصَاعِدًا وَقَالُوا مَا دُونَ الدِّرْهَمِ حَقِيرٌ فَلَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ لِأَجْلِهِ. قَالَ الْحَسَنُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَعَنَ اللَّهُ الدَّانِقَ وَمَنْ دَنَقَ الدَّانِقَ. وَإِنَّمَا يَقْطَعُ صَلَاتَهُ إذَا احْتَاجَ إلَى عَمَلٍ كَثِيرٍ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى شَيْءٍ وَعَمَلٍ كَثِيرٍ بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ لِحَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي بَعْضِ الْمَغَازِي فَانْسَلَّ قِيَادُ الْفَرَسِ مِنْ يَدِهِ فَمَشَى أَمَامَهُ حَتَّى أَخَذَ قِيَادَ فَرَسِهِ ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى وَأَتَمَّ صَلَاتَهُ وَتَأْوِيلُ هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَحْتَجْ إلَى عَمَلٍ كَثِيرٍ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ

[بَابُ سُجُود التِّلَاوَة]

بَابُ السَّجْدَةِ (قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -): وَيُكْرَهُ لِلْمَرْءِ تَرْكُ آيَةِ السَّجْدَةِ مِنْ سُورَةٍ يَقْرَؤُهَا لِأَنَّهُ فِي صُورَةِ الْفِرَارِ عَنْ السَّجْدَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِينَ وَلِأَنَّهُ فِي صُورَةِ هَجْرِ آيَةِ السَّجْدَةِ وَلَيْسَ شَيْءٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>