- رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يَسْتَأْجِرَ الرَّجُلُ حُلِيَّ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَحُلِيَّ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ وَبِهِ نَأْخُذُ فَإِنَّ الْبَدَلَ بِمُقَابَلَةِ مَنْفَعَةِ الْحُلِيِّ دُونَ الْعَيْنِ وَلَا رِبًا بَيْنَ الْمَنْفَعَةِ وَبَيْنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، ثُمَّ الْحُلِيُّ عَيْنٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ وَاسْتِئْجَارُهُ مُعْتَادٌ فَيَجُوزُ وَإِذَا شَرَطَتْ أَنْ تَلْبَسَهُ فَأَلْبَسَتْ غَيْرَهَا ضَمِنَتْ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهَا كَمَا فِي الثِّيَابِ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ عَلَى الْحُلِيِّ عِنْدَ اللُّبْسِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ اللَّابِسِ، وَإِنْ قَالَ رَبُّ الْحُلِيِّ أَنْتِ لَبِسْتِيهِ وَقَدْ هَلَكَ الْحُلِيُّ فَقَدْ أَبْرَأهَا مِنْ الضَّمَانِ وَالضَّمَانُ وَاجِبٌ لَهُ فَقَوْلُهُ مَقْبُولٌ فِي إسْقَاطِهِ وَيَكُونُ لَهُ عَلَيْهَا الْأَجْرُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لِرَبِّ الْحُلِيِّ وَقَدْ أَقَرَّتْ هِيَ أَنَّ الْحُلِيَّ كَانَ عِنْدَهَا، وَذَلِكَ يُوجِبُ الْأَجْرَ عَلَيْهَا وَلَوْ اسْتَأْجَرَتْهُ يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ فَإِنْ بَدَا لَهَا فَحَبَسَتْهُ فَلَمْ تَرُدَّهُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَالْإِجَارَةُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَاسِدَةٌ فِي الْقِيَاسِ لِجَهَالَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَوْ لِتَعَلُّقِ الْعَقْدِ بِالْخَطَرِ فِيمَا بَعْدَ الْيَوْمِ وَهُوَ أَنْ يَبْدُوَ لَهَا وَتَعْلِيقُ الْإِجَارَةِ بِالْخَطَرِ لَا يَجُوزُ وَلَكِنِّي أَسْتَحْسِنُ وَأُجِيزُهَا وَأَجْعَلُ عَلَيْهَا الْأَجْرَ كُلَّ يَوْمٍ بِحِسَابِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ مُتَعَارَفٌ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ فَإِنَّهَا إذَا خَرَجَتْ إلَى وَلِيمَةٍ أَوْ عُرْسٍ لَا تَدْرِي كَمْ تَبْقَى هُنَاكَ فَتَحْتَاجُ إلَى هَذَا الشَّرْطِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَالضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهَا، ثُمَّ قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ وُجُوبَ الْأَجْرِ عَلَيْهَا عِنْدَ الِاسْتِعْمَالِ وَالْخَطَرُ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَزُولُ ذَلِكَ عِنْدَ اسْتِعْمَالِهَا؛ فَلِهَذَا يَلْزَمُهَا الْأَجْرُ لِكُلِّ يَوْمٍ تَحْسِبُهُ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
[بَابُ إجَارَةِ الدَّوَابِّ]
(قَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَكَان مَعْلُومٍ بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَهُوَ جَائِزٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا غَيْرَهُ)؛ لِأَنَّ هَذَا تَعْيِينٌ مُفِيدٌ فَالنَّاسُ يَتَفَاوَتُونَ فِي رُكُوبِ الدَّابَّةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ الثِّقَلِ وَالْخِفَّةِ بَلْ مِنْ قِبَلِ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ فَالثَّقِيلُ الَّذِي يُحْسِنُ رُكُوبَ الدَّابَّةِ يُرَوِّضُهَا رُكُوبُهُ، وَالْخَفِيفُ الَّذِي لَا يُحْسِنُ رُكُوبَهَا يَعْقِرُهَا رُكُوبُهُ، فَإِنْ حَمَلَ عَلَيْهَا غَيْرَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ غَيْرُ مُسْتَوْفٍ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَلَى مَا قَرَّرْنَا فِي الثَّوْبِ، وَإِنْ رَكِبَ وَحَمَلَ مَعَهُ آخَرَ فَسَلِمَتْ فَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ بِكَمَالِهِ وَزَادَ فَإِذَا سَلِمَتْ سَقَطَ اعْتِبَارُ الزِّيَادَةِ فَعَلَيْهِ كَمَالُ الْأَجْرِ لِاسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَطِبَتْ بَعْدَ بُلُوغِهَا الْمَكَانَ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ كُلُّهُ لِاسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَإِنَّ رُكُوبَهُ لَا يَخْتَلِفُ بِأَنْ يُرْدِفَ مَعَهُ غَيْرَهُ أَوْ لَا يُرْدِفُ وَوُجُوبُ الْأَجْرِ بِاعْتِبَارِ رُكُوبِهِ وَعَلَيْهِ ضَمَانُ نِصْفِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ حِينَ أَرْدَفَ وَشَغَلَ نِصْفَ الدَّابَّةِ بِغَيْرِهِ فَبِحَسَبِ ذَلِكَ يَكُونُ ضَامِنًا وَهَذَا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ تُطِيقُ اثْنَيْنِ فَإِنْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute