للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ حِينَ أَخْرَجَهَا مِنْ الْمِصْرِ (أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ وَجَبَ الْأَجْرُ كَانَ مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى صَاحِبِ الْقُبَّةِ وَهُوَ غَيْرُ مُلْتَزِمٍ لِذَلِكَ فَجَعَلْنَاهُ غَاصِبًا ضَامِنًا لِتَكُونَ مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَيْهِ؛ فَلِهَذَا لَا أَجْرَ عَلَيْهِ.

وَإِذَا اسْتَأْجَرَ رَحًا يَطْحَنُ عَلَيْهِ فَحَمَلَهُ فَذَهَبَ بِهِ إلَى مَنْزِلِهِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ فَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى صَاحِبِ الرَّحَا وَلَوْ كَانَتْ ذَلِكَ عَارِيَّةً كَانَتْ مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ فَسْخٌ لِعَمَلِ النَّقْلِ فَإِنَّمَا تَجِبُ الْمُؤْنَةُ عَلَى مَنْ حَصَلَ لَهُ مَنْفَعَةُ النَّقْلِ وَمَنْفَعَةُ النَّقْلِ فِي الْعَارِيَّةِ لِلْمُسْتَعِيرِ فَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَيْهِ وَفِي الْإِجَارَةِ عَلَى رَبِّ الرَّحَا؛ لِأَنَّ بِالنَّقْلِ يَتَمَكَّنُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَبِهِ يَجِبُ الْأَجْرُ لِرَبِّ الرَّحَا فَلِهَذَا كَانَتْ مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَيْهِ وَإِذَا اسْتَأْجَرَ مِنْهُ عِيدَانَ حَجْلَةٍ أَوْ كِسْوَتَهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً جَازَ؛ لِأَنَّهُ عَيْنٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ عَيْنٍ مُنْتَفَعٍ بِهِ مُعْتَادٍ الِاسْتِئْجَارُ فِيهِ صَحِيحٌ وَعَلَى هَذَا اسْتِئْجَارُ الْبُسُطِ وَالْوَسَائِدِ وَالصَّنَادِيقِ وَالسُّرَرِ وَالْقُدُورِ وَالْقِصَاعِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ قُدُورًا بِغَيْرِ عَيْنِهَا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَجْهُولٌ فَإِنَّ الْقُدُورَ مُخْتَلِفَةٌ فِي الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ وَالِانْتِفَاعِ بِهَا بِحَسَبِهَا فَإِنْ جَاءَهُ بِقِدْرٍ فَقَبِلَهُ عَلَى الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ فَهُوَ جَائِزٌ وَالْأَجْرُ لَهُ لَازِمٌ إمَّا لِأَنَّ التَّعْيِينَ فِي الِانْتِهَاءِ كَالتَّعْيِينِ فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْعَقِدُ بِالتَّعَاطِي كَالْبَيْعِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ سُتُورًا يُعَلِّقُهَا عَلَى بَابِهِ وَقْتًا مَعْلُومًا

وَلَوْ كَفَلَ كَفِيلٌ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَمْتِعَةِ الْأَجْرَ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَالْكَفَالَةُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْكَفَالَةُ بِالْأَمَانَاتِ لَا تَصِحُّ وَالْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ لَمْ تَكُنْ مَشْرُوطَةً فِيهِ، وَإِنْ أَعْطَاهُ بِالْأَجْرِ كَفِيلًا فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَأْجِرِ وَعَلَى هَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ مِيزَانًا لِيَزِنَ بِهِ وَالسَّنَجَاتِ وَالْقَبَّانَ وَالْمَكَايِيلَ فَهَذَا كُلُّهُ مُتَعَارَفٌ جَائِزٌ

وَإِنْ اسْتَأْجَرَ سَرْجًا لِيَرْكَبَهُ شَهْرًا فَأَعْطَاهُ غَيْرَهُ فَرَكِبَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَخْتَلِفُ فِيهِ النَّاسُ فَمَنْ يُحْسِنُ الرُّكُوبَ عَلَى السَّرْجِ لَا يَضُرُّ بِهِ رُكُوبُهُ وَمَنْ لَا يُحْسِنُ الرُّكُوبَ عَلَيْهِ يَضُرُّ بِهِ رُكُوبُهُ وَإِذَا اُعْتُبِرَ التَّعْيِينُ كَانَ ضَامِنًا بِالْخِلَافِ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ وَإِذَا اسْتَأْجَرَ إكَافًا يَنْقُلُ عَلَيْهِ حِنْطَتَهُ شَهْرًا فَهُوَ جَائِزٌ وَحِنْطَتُهُ وَحِنْطَةُ غَيْرِهِ سَوَاءٌ وَالْجَوَالِقُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هُنَا تَعْيِينٌ غَيْرُ مُفِيدٍ، وَكَذَلِكَ اسْتِئْجَارُ الْمَحْمِلِ إلَى مَكَّةَ، وَكَذَلِكَ الرَّحْلُ يَسْتَأْجِرُهُ لِيَرْكَبَ عَلَيْهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ غَيْرَهُ عَلَيْهِ فَإِنْ فَعَلَ فَهُوَ ضَامِنٌ إنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ لِلتَّفَاوُتِ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْإِضْرَارِ بِالرَّحْلِ عِنْدَ الرُّكُوبِ عَلَيْهِ.

وَكَذَلِكَ الْفُسْطَاطُ يَسْتَأْجِرُهُ لِيَخْرُجَ بِهِ إلَى مَكَّةَ فَإِنْ أَسْرَجَ فِي الْخَيْمَةِ أَوْ الْفُسْطَاطِ أَوْ الْقُبَّةِ أَوْ عَلَّقَ فِيهِ الْقِنْدِيلَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُعْتَادٌ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ الِاسْتِعْمَالَ الْمُعْتَادَ، وَإِنْ اتَّخَذَ فِيهِ مَطْبَخًا فَهُوَ ضَامِنٌ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَادٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُعَدًّا لِذَلِكَ الْعَمَلِ وَذُكِرَ عَنْ الْحَسَنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>