الْأَذَى سَوَاءٌ. وَرُوِيَ أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَبْعَثْنَ بِالْكُرْسُفِ إلَى عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لِتَنْظُرَ فَكَانَتْ إذَا رَأَتْ كَدِرَةً قَالَتْ لَا حَتَّى تَرَيْنَ الْقُصَّةَ الْبَيْضَاءَ يَعْنِي الْبَيَاضَ الْخَالِصَ وَالْقُصَّةَ الطِّينُ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ الرَّأْسُ، وَهُوَ أَبْيَضُ يَضْرِبُ لَوْنُهُ إلَى الصُّفْرَةِ فَإِنَّمَا أَرَادَتْ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ الْحَيْضِ حَتَّى تَرَى الْبَيَاضَ الْخَالِصَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ
[فَصْلٌ حُكْمَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالِاسْتِحَاضَةِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِظُهُورِ الدَّمِ وَبُرُوزِهِ]
(فَصْلٌ)، وَإِنْ بِأَنَّ حُكْمَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالِاسْتِحَاضَةِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِظُهُورِ الدَّمِ وَبُرُوزِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي غَيْرِ الْأُصُولِ أَنَّ حُكْمَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ يَثْبُتُ إذَا أَحَسَّتْ بِالْبُرُوزِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ وَحُكْمُ الِاسْتِحَاضَةِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالظُّهُورِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ لِلْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَقْتٌ مَعْلُومٌ فَيُمْكِنُ إثْبَاتُ حُكْمِهِمَا بِاعْتِبَارِ وَقْتِهِمَا إذَا أَحَسَّتْ بِالْبُرُوزِ وَالِاسْتِحَاضَةُ حَدَثٌ كَسَائِرِ الْأَحْدَاثِ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مَعْلُومٌ لِإِثْبَاتِ حُكْمِهِ فَلَا يَثْبُتُ حُكْمُهُ إلَّا بِالظُّهُورِ وَالْفَتْوَى عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - إنَّ فُلَانَةَ تَدْعُو بِالْمِصْبَاحِ لَيْلًا لِتَنْظُرَ إلَى نَفْسِهَا فَقَالَتْ: مَا كَانَتْ إحْدَانَا تَتَكَلَّفُ لِذَلِكَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَكِنَّهَا تَعْرِفُ ذَلِكَ، فَهُوَ بِالْمَسِّ، فَهُوَ إشَارَةٌ مِنْهَا إلَى الظُّهُورِ؛ وَلِأَنَّ مَا لَمْ يَظْهَرْ، فَهُوَ فِي مَعْدِنِهِ وَالشَّيْءُ فِي مَعْدِنِهِ لَا يُعْطَى لَهُ حُكْمُ الظُّهُورِ وَمَا لَمْ يَظْهَرْ إذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ لِلْمَرْأَةِ فَرْجَانِ دَاخِلٌ وَخَارِجٌ فَالْفَرْجُ الْخَارِجُ بِمَنْزِلَةِ الْأَلْيَتَيْنِ مِنْ الدُّبُرِ فَإِذَا وَضَعَتْ الْكُرْسُفَ فَإِمَّا أَنْ تَضَعَهُ فِي الْفَرْجِ الدَّاخِلِ أَوْ فِي الْفَرْجِ الْخَارِجِ فَإِذَا وَضَعَتْهُ فِي الْفَرْجِ الْخَارِجِ فَابْتَلَّ الْجَانِبُ الدَّاخِلُ مِنْ الْكُرْسُفِ كَانَ ذَلِكَ حَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَنْفُذْ إلَى الْجَانِبِ الْخَارِجِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ ظَاهِرًا بِهَذَا الْقَدْرِ مِنْ الْخُرُوجِ، وَإِنْ وَضَعَتْهُ فِي الْفَرْجِ الدَّاخِلِ فَابْتَلَّ الْجَانِبُ الدَّاخِلُ مِنْ الْكُرْسُفِ لَمْ يَكُنْ حَيْضًا فَإِنْ نَفَذَتْ الْبِلَّةُ إلَى الْجَانِبِ الْخَارِجِ نُظِرَ فَإِنْ كَانَتْ الْقُطْنَةُ عَالِيَةً أَوْ مُحَاذِيَةً لِحَرْفِ الْفَرْجِ كَانَ حَيْضًا لِظُهُورِ الْبِلَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَسَفِّلَةً لَمْ يَكُنْ حَيْضًا وَعَلَى هَذَا لَوْ حَشَى الرَّجُلُ إحْلِيلَهُ بِقُطْنَةٍ فَابْتَلَّ الْجَانِبُ الدَّاخِلُ مِنْ الْقُطْنَةِ لَمْ يُنْتَقَضْ وُضُوءُهُ.
وَإِنْ تَعَدَّتْ الْبِلَّةُ إلَى الْجَانِبِ الْخَارِجِ نَظَرْنَا فَإِنْ كَانَتْ الْقُطْنَةُ عَالِيَةً أَوْ مُحَاذِيَةً لِرَأْسِ الْإِحْلِيلِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَسَفِّلَةً لَمْ يُنْقَضْ وُضُوءُهُ، وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ تَسْقُطْ الْقُطْنَةُ فَإِنْ سَقَطَتْ، فَهُوَ حَيْضٌ وَحَدَثٌ سَوَاءٌ ابْتَلَّ الْخَارِجُ أَوْ الدَّاخِلُ لِظُهُورِ الْبِلَّةِ وَلَوْ أَنَّ حَائِضًا وَضَعَتْ الْكُرْسُفَ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ وَنَامَتْ فَلَمَّا أَصْبَحَتْ نَظَرَتْ إلَى الْكُرْسُفِ فَوَجَدَتْ الْبَيَاضَ الْخَالِصَ فَعَلَيْهَا صَلَاةُ الْعِشَاءِ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا بِطُهْرِهَا مِنْ حِينِ وَضَعَتْ الْكُرْسُفَ فَلَوْ كَانَتْ طَاهِرَةً حِينَ وَضَعَتْ الْكُرْسُفَ وَنَامَتْ ثُمَّ انْتَبَهَتْ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute