يَبْقَى لَهُمْ سَهْمٌ وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ سَهْمٌ فَعَرَفْنَا أَنَّ الْهِبَةَ إنَّمَا تَصِحُّ فِي نِصْفِ مَالِهِ وَذَلِكَ سَبْعَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ، وَذَلِكَ مِنْ الْعَبْدِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ فَيَرُدُّ رُبْعَ الْعَبْدِ بِنَقْضِ الْهِبَةِ وَقِيمَتُهُ أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ وَيَدْفَعُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ بِالْجِنَايَةِ، فَيَحْصُلُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ الْعَبْدُ وَقِيمَتُهُ عَشَرَةُ آلَافٍ وَنِصْفُ الدِّيَةِ الَّتِي أَخَذُوهَا مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، وَذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي سَبْعَةِ آلَافِ وَخَمْسِمِائَةٍ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
[بَابُ السَّلَمِ فِي الْمَرَضِ وَبَيْعِ الْمَكِيلِ بِمِثْلِهِ مِنْ الْمَكِيلِ وَوَزْنِهِ بِمُحَابَاهُ]
(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -): اعْلَمْ أَنَّ بِنَاءَ هَذَا الْبَابِ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي بَيَّنَّا أَنَّ الْمُحَابَاةَ فِي الْأَصْلِ بِمَنْزِلَةِ الْمُحَابَاةِ فِي الْمَالِ فِي الِاعْتِبَارِ مِنْ الثُّلُثِ، فَإِنَّ الْمَالَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَصْلِ فِي تَنْفِيذِ الْمُحَابَاةِ فِيهِ مِنْ الثُّلُثِ فَنَقُولُ: إذَا أَسْلَمَ الْمَرِيضُ ثَوْبًا يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ يُسَاوِي عَشَرَةً إلَى أَجَلٍ وَدَفَعَ إلَيْهِ الثَّوْبَ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ السَّلَمُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ، فَإِنْ شَاءَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عَجَّلَ ثُلُثَيْ الْكُرِّ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ السَّلَمَ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ بِالْأَجَلِ فِي جَمِيعِ مَالِهِ. وَثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهُ لِتَغَيُّرِ شَرْطِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ يُسَاوِي عِشْرِينَ دِرْهَمًا إنْ شَاءَ نَقَضَ السَّلَمَ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى الْكُرَّ وَرَدَّ سُدُسَ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ بِالْمَالِ هُنَا جَاوَزَتْ الثُّلُثَ فَلَا يَظْهَرُ حُكْمُ الْمُحَابَاةِ بِالْأَجَلِ، وَإِنَّمَا يَسْلَمُ لَهُ مِنْ الْمُحَابَاةِ بِقَدْرِ ثُلُثِ مَالِهِ، وَذَلِكَ سِتُّونَ وَثُلُثَانِ فَيُرَدُّ الْكُرُّ حَالًّا وَيُرَدُّ سُدُسُ الثَّوْبِ حَتَّى يَسْلَمَ لِلْوَارِثِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْمُحَابَاةَ فِي مِثْلِ نِصْفِهِ تَصِفُهُ وَمَا يُرَدُّ مِنْ الثَّوْبِ يَكُونُ خَطَأً مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَذَلِكَ مُسْتَقِيمٌ فِي السَّلَمِ.
وَإِنْ كَانَ قِيمَةُ الثَّوْبِ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا رَدَّ ثُلُثَ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ بِقَدْرِ الْعِشْرِينَ، وَثُلُثُ مَالِهِ عَشَرَةٌ فَيَرُدُّ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الثَّوْبِ حَتَّى يُسْلِمَ لِلْوَرَثَةِ كُرًّا يُسَاوِي عَشَرَةً، وَثُلُثُ الثَّوْبِ وَقِيمَتُهُ عَشَرَةٌ مِثْلُ مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْمُحَابَاةَ.
وَلَوْ أَسْلَمَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَثَوْبًا يُسَاوِي عَشَرَةً فِي كُرِّ حِنْطَةٍ يُسَاوِي عَشَرَةً، ثُمَّ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ، فَإِنْ شَاءَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ نَقَضَ السَّلَمَ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى الْكُرَّ وَرَدَّ سُدُسَ الثَّوْبِ وَسُدُسَ الْعَشَرَةِ فَذَلِكَ الْقَدْرُ مِمَّا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَلَيْسَ تَنْفِيذُ الْمُحَابَاةِ لَهُ مِنْ أَحَدَ الْمَالَيْنِ بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ، فَإِنَّمَا يَرُدُّ السُّدُسَ مِنْهُمَا مِنْ الْكُرِّ حَتَّى يَسْلَمَ لِلْوَارِثِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْمُحَابَاةَ لَهُ فِي سِتَّةٍ وَثُلُثَيْنِ، وَلَوْ كَانَ أَسْلَمَ ثَوْبًا يُسَاوِي عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَعَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ رَدَّ ثُلُثَ الثَّوْبِ وَثُلُثَ الْعَشَرَةِ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ بِقَدْرِ عِشْرِينَ، وَثُلُثُ مَالِهِ عَشَرَةٌ فَيَسْلَمُ لَهُ ذَلِكَ مِنْهُمَا وَيَرُدُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute