للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكَذَلِكَ إذَا قَتَلَهَا الْبَائِعُ وَأَمَّا إذَا جَرَحَهَا الْبَائِعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهَا بِخِيَارِهِ ذَكَرَ قَوْلَهُ فِي كِتَابِ الشُّرْبِ وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ وَالرُّؤْيَةِ وَخِيَارِ الْعَيْبِ جَمِيعًا وَجْهَ قَوْلِهِ إنَّ الْخِيَارَ مُسْتَحَقٌّ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَمَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ لَا يَمْلِكُ اكْتِسَابَ سَبَبِ إسْقَاطِ الْحَقِّ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ إلَّا بِطَرِيقِ الْإِبْقَاءِ يُوَضِّحُهُ أَنَّ حُدُوثَ الْعَيْبِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي إنَّمَا يَمْنَعُ الرَّدَّ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْبَائِعِ وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِي جِنَايَةِ الْبَائِعِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ رَاضٍ بِفِعْلِهِ وَلِأَنَّهُ يُجْعَلُ مُسْتَرَدًّا لِذَلِكَ الْجُزْءِ لِجِنَايَتِهِ وَلِمَا بَقِيَ بِرَدِّ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ فَيَعُودُ إلَيْهِ حُكْمًا كَمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْجَانِي غَيْرَهُ.

وَجْهُ قَوْلِهِمَا: إنَّ الْبَيْعَ لَازِمٌ فِي جَانِبِ الْبَائِعِ وَهُوَ بَعْدَ التَّسْلِيمِ فِيهَا كَأَجْنَبِيٍّ آخَرَ بِدَلِيلِ مَسْأَلَةِ الْقَتْلِ، وَلَوْ كَانَ الْجَانِي أَجْنَبِيًّا آخَرَ فَوَجَدَ الْأَرْشَ لَمْ يَتَمَكَّنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ رَدِّهَا فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ هُوَ الْبَائِعَ وَلَا يَمْلِكُ إسْقَاطَ خِيَارِ الْمُشْتَرِي فَالْأَجْنَبِيُّ لَا يَمْلِكُ إسْقَاطَ خِيَارِهِ وَالْبَائِعُ إنَّمَا رَضِيَ بِالنُّقْصَانِ الْحَادِثِ بِجِنَايَتِهِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَكُونُ رَاضِيًا فِي مِلْكِ نَفْسِهِ، وَلَوْ جَعَلَ جِنَايَتَهُ اسْتِرْدَادًا فِي ذَلِكَ الْجُزْءِ لَكَانَ قَتْلُهُ اسْتِرْدَادًا فِي الْكُلِّ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَازِمٌ مِنْ جِهَتِهِ فَلَا يَتَمَكَّنُ هُوَ مِنْ الِاسْتِرْدَادِ، وَلَوْ اسْتَوْدَعَهَا الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بَعْدَمَا قَبَضَهَا فَمَاتَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ قَبْلَ أَنْ يَرْضَى الْمُشْتَرِي فَفِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ هِيَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ؛ لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لِلْمُشْتَرِي أَمَانَةً فِي يَدِ الْبَائِعِ فَهَلَاكُهَا فِي يَدِ الْأَمِينِ كَهَلَاكِهَا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَفِي خِيَارِ الشَّرْطِ كَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ عِنْدَهُمَا لَا يَمْنَعُ مِلْكَ الْمُشْتَرِي وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْقِيَاسِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَازِمٌ فِي جَانِبِ الْبَائِعِ وَالْمَبِيعُ خَارِجٌ مِنْ مِلْكِهِ فَإِيدَاعُ الْمُشْتَرِي إيَّاهُ كَإِيدَاعِهِ أَجْنَبِيًّا آخَرَ، فَإِذَا هَلَكَ فِي يَدِهِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَهْلَكُ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْمُشْتَرِي يَمْنَعُ مِلْكَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَتَسْلِيمُهُ إيَّاهَا إلَى الْبَائِعِ لَا يَكُونُ إيدَاعًا فِيهِ مِلْكُ نَفْسِهِ وَلَكِنَّهُ فَسْخٌ لِلْقَبْضِ فَكَأَنَّهَا هَلَكَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا الْمُشْتَرِي فَيَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ

[بَابُ بَيْعِ النَّخْلِ وَفِيهِ ثَمَرٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ثَمَرٌ]

قَالَ وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ أَرْضًا وَنَخْلًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَالْأَرْضُ تُسَاوِي أَلْفًا وَالنَّخْلُ يُسَاوِي

<<  <  ج: ص:  >  >>