بِالْعَقْدِ فِي حَالٍ لَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ فَإِنَّ بِمُضِيِّ يَوْمِ الْجُمُعَةِ قَدْ انْتَهَتْ وَكَالَتُهُ وَلَكِنْ اسْتَحْسَنَ فَجُوِّزَ إقْرَارُهُ فَكَانَ مُسَلَّطًا عَلَى مُبَاشَرَةِ الْعَقْدِ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ وَقَدْ أَخْبَرَ بِمَا سَلَّطَهُ عَلَيْهِ وَأَدَّى الْأَمَانَةَ عَلَى وَجْهِهَا وَهَذَا لِأَنَّ التَّوْقِيتَ مِنْ الْمَوْلَى كَانَ فِي مُبَاشَرَةِ الْعَقْدِ لَا فِي الْإِقْرَارِ بِهِ فَجُعِلَ فِي حَقِّ الْإِقْرَارِ كَأَنَّ التَّوْكِيلَ كَانَ مُطْلَقًا فَإِذَا أَقَرَّ بِهِ كَانَ إقْرَارُهُ صَحِيحًا وَعَلَى هَذَا الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ وَالْخُلْعُ وَالْعِتْقُ عَلَى مَالٍ
قَالَ وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُكَاتِبَهُ فَقَالَ الْوَكِيلُ وَكَّلَنِي أَمْسِ وَكَاتَبْتُهُ آخِرَ النَّهَارِ بَعْدَ الْوَكَالَةِ وَقَالَ رَبُّ الْعَبْدِ إنَّمَا وَكَّلْتُكَ الْيَوْمَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ التَّوْكِيلَ أَصْلًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فَكَذَلِكَ إذَا أَنْكَرَ التَّوْكِيلَ أَمْسِ وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ التَّوْكِيلَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي أَضَافَ الْوَكِيلُ مُبَاشَرَةَ الْعَقْدِ إلَيْهِ كَانَ الْعَقْدُ بَاطِلًا وَلَوْ قَالَ أَيُّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ كَاتِبْهُ فَهُوَ جَائِزٌ فَأَيُّهُمَا كَاتَبَهُ جَازَ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ أَنَّ الْوَكَالَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّوَسُّعِ وَالْجَهَالَةُ الْمُسْتَدْرَكَةُ فِيهَا تَمْنَعُ الْجَوَازَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ وَكَّلْتُ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ أَنْ يُكَاتِبَهُ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ وَأَيُّهُمَا كَاتَبَهُ جَازَ
قَالَ وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ فَأَبَى الْعَبْدُ أَنْ يَقْبَلَ ثُمَّ بَدَا لَهُ فِي قَبُولِ ذَلِكَ فَكَاتَبَهُ الْوَكِيلُ جَازَ لِأَنَّ بِإِبَاءِ الْعَبْدِ فِي الِابْتِدَاءِ لَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ عَزْلَ الْوَكِيلِ عَنْ كِتَابَتِهِ وَإِذَا بَقِيَتْ الْوَكَالَةُ نَفَذَتْ الْكِتَابَةُ بِقَبُولِ الْعَبْدِ كَمَا لَوْ قَبِلَ فِي الِابْتِدَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ
[بَابُ وَكَالَةِ الْمُضَارِبِ وَالشَّرِيكِ فِيهِ]
قَالَ بَابُ وَكَالَةِ الْمُضَارِبِ وَالشَّرِيكِ فِيهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَتَوْكِيلُ الْمُضَارِبِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْقَبْضِ وَالْخُصُومَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ الْمُضَارَبَةِ جَائِزٌ لِأَنَّ لِلْمُضَارِبِ إقَامَةَ الْأَعْمَالِ كُلِّهَا بِنَفْسِهِ فَيَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِعَانَةِ بِغَيْرِهِ فِي بَعْضِ الْأَعْمَالِ وَلَمَّا دَفَعَ رَبُّ الْمَالِ إلَيْهِ الْمَالَ مُضَارَبَةً عَلَى عِلْمِهِ بِذَلِكَ فَقَدْ صَارَ آذِنًا لَهُ فِي الِاسْتِعَانَةِ بِالْغَيْرِ فِيمَا يَعْجِزُ عَنْ مُبَاشَرَتِهِ بِنَفْسِهِ
قَالَ وَلَوْ وَكَّلَ الْمُضَارِبُ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدًا بِالْمُضَارَبَةِ فَاشْتَرَى لَهُ أَخَا رَبِّ الْمَالِ فَالشِّرَاءُ جَائِزٌ عَلَى الْمُضَارِبِ دُونَ رَبِّ الْمَالِ لِأَنَّ شِرَاءَ وَكِيلِ الْمُضَارِبِ بِمَنْزِلَةِ شِرَاءِ الْمُضَارِبِ بِنَفْسِهِ وَهُوَ لَوْ اشْتَرَى أَخَا رَبِّ الْمَالِ كَانَ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ إنَّمَا أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ مَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيعَهُ لِيُحَصِّلَ الرِّبْحَ بِتَصَرُّفِهِ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِشِرَاءِ أَخِي رَبِّ الْمَالِ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ شِرَاؤُهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ عَتَقَ عَلَيْهِ فَلِهَذَا جَعَلْنَاهُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ وَيَضْمَنُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ إذْ هُوَ فِي يَمِينِهِ قَالَ وَإِنْ اشْتَرَى أَخَا الْمُضَارِبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute