للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمِصْرِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ دُونَهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَهَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: مَنْ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَشْهَدَهَا وَيَرْجِعَ إلَى أَهْلِهِ قَبْلَ اللَّيْلِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَهَا وَالصَّحِيحُ مَا قُلْنَا إنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ يَسْكُنُهُ مَنْ إذَا خَرَجَ مِنْ الْمِصْرِ مُسَافِرًا فَوَصَلَ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كَانَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ السَّفَرِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَهَا لِأَنَّ مَسْكَنَهُ لَيْسَ مِنْ الْمِصْرِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُقِيمَ فِي الْمِصْرِ لَا يَكُونُ مُقِيمًا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.

[وَقْت صَلَاة الْجُمُعَةَ]

وَأَمَّا الْوَقْتُ فَمِنْ شَرَائِطِ الْجُمُعَةِ يَعْنِي بِهِ وَقْتَ الظُّهْرِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا بَعَثَ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَى الْمَدِينَةِ قَبْلَ هِجْرَتِهِ قَالَ لَهُ: إذَا مَالَتْ الشَّمْسُ فَصَلِّ بِالنَّاسِ الْجُمُعَةَ» «وَكَتَبَ إلَى سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي يَتَجَهَّزُ فِيهِ الْيَهُودُ لِسَبْتِهِمْ فَازْدَلِفْ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِرَكْعَتَيْنِ» وَاَلَّذِي رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ «أَقَامَ الْجُمُعَةَ ضُحَى» مَعْنَاهُ بِالْقُرْبِ مِنْهُ وَمَقْصُودُ الرَّاوِي أَنَّهُ مَا أَخَّرَهَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَكَانَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ: تَجُوزُ إقَامَتُهَا فِي وَقْتِ الْعَصْرِ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِهِ مِنْ تَدَاخُلِ الْوَقْتَيْنِ وَقَدْ بَيَّنَّا فَسَادَهُ

[شُرُوط الْجُمُعَةَ]

(قَالَ) وَالْخُطْبَةُ مِنْ شَرَائِطِ الْجُمُعَةِ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - إنَّمَا قُصِرَتْ الْجُمُعَةُ لِمَكَانِ الْخُطْبَةِ وَلِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩] يَعْنِي الْخُطْبَةَ، وَالْأَمْرُ بِالسَّعْيِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِهَا وَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا صَلَّى الْجُمُعَةَ فِي عُمْرِهِ بِغَيْرِ خُطْبَةٍ فَلَوْ جَازَ لَفَعَلَهُ تَعْلِيمًا لِلْجَوَازِ. (قَالَ) بَعْضُ مَشَايِخِنَا: الْخُطْبَةُ تَقُومُ مَقَامَ رَكْعَتَيْنِ وَلِهَذَا لَا تَجُوزُ إلَّا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَقُومُ مَقَامَ شَطْرِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْخُطْبَةَ لَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ فِي أَدَائِهَا وَلَا يَقْطَعُهَا الْكَلَامُ وَيُعْتَدُّ بِهَا وَإِنْ أَدَّاهَا وَهُوَ مُحْدِثٌ أَوْ جُنُبٌ فَبِهِ تَبَيَّنَ ضَعْفُ قَوْلِهِ أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ شَطْرِ الصَّلَاةِ

(قَالَ) وَالْجَمَاعَةُ مِنْ شَرَائِطِهَا لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩] وَلِأَنَّهَا سُمِّيَتْ جُمُعَةً وَفِي هَذَا الِاسْمِ مَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا. وَيَخْتَلِفُونَ فِي مِقْدَارِ الْعَدَدِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ثَلَاثَةُ نَفَرٍ سِوَى الْإِمَامِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اثْنَانِ سِوَى الْإِمَامِ لِأَنَّ الْمُثَنَّى فِي حُكْمِ الْجَمَاعَةِ حَتَّى يَتَقَدَّمَ الْإِمَامُ عَلَيْهِمَا وَفِي الْجَمَاعَةِ مَعْنَى الِاجْتِمَاعِ وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ بِالْمُثَنَّى وَجْهُ قَوْلِهِمَا الِاسْتِدْلَال بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩] وَهَذَا يَقْتَضِي مُنَادِيًا وَذَاكِرًا وَهُوَ الْمُؤَذِّنُ وَالْإِمَامُ وَالِاثْنَانِ يَسْعَوْنَ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَاسْعَوْا لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا الْمُثَنَّى ثُمَّ مَا دُونَ الثَّلَاثِ لَيْسَ بِجَمْعٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَإِنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ فَصَلُوا بَيْنَ التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ فَالْمُثَنَّى وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَعْنَى الْجَمْعِ مِنْ وَجْهٍ فَلَيْسَ بِجَمْعٍ مُطْلَقٍ وَاشْتِرَاطُ الْجَمَاعَةِ ثَابِتٌ مُطْلَقًا ثُمَّ يُشْتَرَطُ فِي الثَّلَاثَةِ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>