للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَذَا؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَمَّامِ فِي الثِّيَابِ أَمِينٌ كَالْمُودَعِ فَإِنَّ مَا يَأْخُذُهُ لَيْسَ بِأَجْرٍ عَلَى حَفِظَ الثِّيَابِ وَلَكِنَّهُ غَلَّةُ الْحَمَّامِ وَإِنَّمَا حُبِسَ لِجَمْعِ الْغَلَّةِ لَا لِحِفْظِ ثِيَابِ النَّاسِ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا، فَأَمَّا الثِّيَابِيُّ وَهُوَ الَّذِي يَحْفَظُ ثِيَابَ النَّاسِ بِأَجْرٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ فِي الْحِفْظِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا سَرَقَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَبِسَ إنْسَانٌ ثَوْبَ الْغَيْرِ بِمَرْأَى الْعَيْنِ مِنْهُ فَلَمْ يَمْنَعْهُ؛ لِأَنَّ ظَنَّهُ صَاحِبَ الثَّوْبِ فَهُوَ ضَامِنٌ بِالِاتِّفَاقِ وَلِأَنَّهُ مُضَيِّعٌ تَارِكٌ لِلْحِفْظِ وَلَا مُعْتَبَرَ بِظَنِّهِ وَلَوْ دَخَلَ الْحَمَّامَ بِدَانَقٍ عَلَى أَنْ يُنَوِّرَهُ صَاحِبُ الْحَمَّامِ فَهُوَ فَاسِدٌ فِي الْقِيَاسِ؛ لِجَهَالَةِ قَدْرِ مَا شَرَطَ عَلَيْهِ فِي النُّورَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَلَكِنَّهُ تَرَكَ الْقِيَاسَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ عَمَلُ النَّاسِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْطَاهُ فَلْسًا عَلَى أَنْ يَدْخُلَ الْحَمَّامَ فَيَغْتَسِلَ فَهُوَ فَاسِدٌ فِي الْقِيَاسِ لِجَهَالَةِ مِقْدَارِ مُكْثِهِ وَمِقْدَارِ مَا يَصُبُّ مِنْ الْمَاءِ لَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ وَجَوَّزَهُ؛ لِأَنَّهُ عَمَلُ النَّاسِ وَقَدْ اسْتَحْسَنُوهُ وَقَدْ قَالَ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ وَلِأَنَّ فِي اشْتِرَاطِ إعْلَامِ مِقْدَارِ ذَلِكَ حَرَجًا وَالْحَرَجُ مَدْفُوعٌ شَرْعًا. .

رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا سَنَةً بِغَيْرِ قِدْرٍ وَاسْتَأْجَرَ الْقِدْرَ مِنْ غَيْرِهِ فَانْكَسَرَتْ الْقِدْرُ وَلَمْ يَعْمَلْ فِي الْحَمَّامِ شَهْرًا فَلِصَاحِبِ الْحَمَّامِ أُجْرَةٌ؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ الْحَمَّامَ إلَيْهِ كَمَا الْتَزَمَهُ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ وَالْمُسْتَأْجِرُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِأَنْ يَسْتَأْجِرَ قِدْرًا آخَرَ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ لِرَبِّ الْحَمَّامِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الْقِدْرُ لِرَبِّ الْحَمَّامِ فَانْكَسَرَتْ فَإِنَّ هُنَاكَ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ كَمَا اسْتَحَقَّهُ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ مَا لَمْ يُصْلِحْ رَبُّ الْحَمَّامِ قِدْرَهُ وَلَا أَجْرَ لِصَاحِبِ الْقِدْرِ مِنْ يَوْمِ انْكَسَرَتْ لِزَوَالِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْقِدْرِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ انْكَسَرَتْ مِنْ عَمَلِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ عَمَلِهِ الْمُعْتَادِ، وَلِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي الْقِدْرِ مُسَلَّطٌ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِ الْقِدْرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ إجَارَةِ الرَّاعِي]

(قَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا اسْتَأْجَرَ رَاعِيًا يَرْعَى لَهُ غَنَمًا مَعْلُومًا مُدَّةً مَعْلُومَةً فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَعْلُومٌ مَقْدُورُ التَّسْلِيمِ، ثُمَّ الرَّاعِي قَدْ يَكُونُ أَجِيرَ وَاحِدٍ وَقَدْ يَكُونُ مُشْتَرَكًا فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ رَبُّ الْغَنَمِ أَنْ لَا يَرْعَى غَنَمَهُ مَعَ غَنَمِ غَيْرِهِ فَهُوَ جَائِزٌ) لِأَنَّهُ يَجْعَلُهُ بِهَذَا الشَّرْطِ أَجِيرَ وَاحِدٍ وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَنَافِعُهُ فِي الْمُدَّةِ، وَالشَّرْطُ الَّذِي يُبَيِّنُ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ لَا يَزِيدُ الْعَقْدَ إلَّا وَكَادَةً فَإِنْ مَاتَ مِنْهَا شَاةٌ لَمْ يَضْمَنْهَا؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيمَا فِي يَدِهِ مِنْ الْغَنَمِ وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ بِحِسَابِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>