أَعْطَاهُ تُرَابَ ذَهَبٍ، جَازَ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَهُوَ بِالْخِيَارِ إذَا رَأَى مَا فِيهِ
وَإِذَا اسْتَقْرَضَ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ تُرَابَ ذَهَبٍ أَوْ تُرَابَ فِضَّةٍ، فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مِثْلُ مَا يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ التُّرَابِ مِنْ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ بِوَزْنِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَا فِيهِ، وَاسْتِقْرَاضُهُ جَائِزٌ فَيَكُونُ مَضْمُونًا بِالْمِثْلِ وَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْمُسْتَقْرِضِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلزِّيَادَةِ الَّتِي يَدَّعِيهَا الْمُقْرِضُ، وَإِنْ كَانَ اسْتِقْرَاضُ التُّرَابِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ تُرَابًا مِثْلَهُ لَمْ يَجُزْ، مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّرْطَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ فِي هَذَا الشَّرْطِ زِيَادَةً، أَوْ نُقْصَانًا فِيمَا اسْتَقْرَضَهُ مِمَّا هُوَ الْمَقْصُودُ، وَمِثْلُ هَذَا الشَّرْطِ فِي الْقَرْضِ بَاطِلٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا وَاسْتَهْلَكَ التُّرَابَ، فَعَلَيْهِ مِثْلُ مَا فِيهِ مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ، وَالْقَوْلُ فِي مِقْدَارِهِ قَوْلُ الضَّامِنِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَتَنَاوَلُ عَيْنَ التُّرَابِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ، وَإِنَّمَا يَتَنَاوَلُ مَا فِيهِ
وَإِنْ اشْتَرَى تُرَابَ فِضَّةٍ بِتُرَابِ فِضَّةٍ، أَوْ تُرَابِ ذَهَبٍ بِتُرَابِ ذَهَبٍ لَمْ يَجُزْ تَسَاوِيًا، أَوْ تَفَاضُلًا؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَا فِي التُّرَابِ وَبِالْمُسَاوَاةِ فِي وَزْنِ التُّرَابِ لَا تَحْصُل الْمُمَاثَلَةُ فِيمَا هُوَ الْمَقْصُودُ، وَهُوَ شَرْطُ جَوَازِ الْعَقْدِ
وَإِنْ اشْتَرَى تُرَابَ ذَهَبٍ بِتُرَابِ فِضَّةٍ جَازَ كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ مُجَازَفَةً وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ إذَا رَأَى مَا فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ صَارَ مَعْلُومًا لَهُ الْآنَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ صَرْفِ الْقَاضِي]
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَحُكْمُ الْقَاضِي فِي الصَّرْفِ، وَحُكْمُ وَكِيلِهِ وَأَمِينِهِ كَحُكْمِ سَائِرِ النَّاسِ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا يُبَاشِرُ مِنْ الْعُقُودِ لَيْسَ بِقَاضٍ، وَإِنْ كَانَ قَاضِيًا فَمُبَاشَرَةُ الْعَقْدِ عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ، تَسْتَدْعِي مِنْ الشَّرَائِطِ مَا تَسْتَدْعِيهِ مُبَاشَرَتُهُ لَا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ
وَإِنْ كَانَ لِلْيَتِيمِ دَرَاهِمُ فَصَرْفَهَا الْوَصِيُّ بِدَنَانِيرَ مِنْ نَفْسِهِ بِسِعْرِ السُّوقِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الصَّرْفِ مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلْيَتِيمِ، وَهُوَ شَرْطُ نُفُوذِ تَصَرُّفِ الْوَصِيِّ فِيمَا يُعَامِلُ نَفْسَهُ.
وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي حِجْرِهِ يَتِيمَانِ لِأَحَدِهِمَا دَرَاهِمُ، وَلِلْآخَرِ دَنَانِيرُ فَصَرَفَهَا الْوَصِيُّ بَيْنَهُمَا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ إنْ نَفَعَ أَحَدَهُمَا فَقَدْ أَضَرَّ بِالْآخَرِ، وَهُوَ لَا يَنْفَرِدُ بِالتَّصَرُّفِ إلَّا بِشَرْطِ مَنْفَعَةٍ ظَاهِرَةٍ
، وَإِذَا اشْتَرَى مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ شَيْئًا لِنَفْسِهِ نَظَرْتُ فِيهِ فَإِذَا كَانَ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ أَمْضَيْتُ الْبَيْعَ فِيهِ، وَإِلَّا فَهُوَ بَاطِلٌ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْآخَرُ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - وَفِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ أَصْلًا لِلْأَثَرِ الَّذِي رَوَيْنَا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَالْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةُ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا، أَمَّا أَبُو الصَّبِيِّ، أَوْ جَدُّهُ أَبُو أَبِيهِ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ، فَلَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ مَعَ نَفْسِهِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ شَفَقَتَهُ تَحْمِلُهُ عَلَى أَنْ لَا يَتْرُكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute