أَوْ ذَكَرَيْنِ أَوْ عَلَى عَكْسِ مَا قَدَّرَهُ الْوَلِيَّانِ، وَإِنْ مَاتَا لَمْ يَتَوَارَثَا؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْرِفْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ مُشْكِلٌ أَجَزْت النِّكَاحَ إذَا كَانَ الْأَبَوَانِ هُمَا اللَّذَانِ زَوَّجَا؛ لِأَنَّ أَبَ الزَّوْجِ مِنْهُمَا أَخْبَرَ أَنَّهُ غُلَامٌ، وَأَبُ الْمَرْأَةِ مِنْهُمَا أَخْبَرَ أَنَّهَا امْرَأَةٌ وَخَبَرُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْبُولٌ شَرْعًا مَا لَمْ يُعْرَفْ خِلَافُ ذَلِكَ فَوَجَبَ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ مَاتَا بَعْدَ ذَلِكَ الْأَبَوَيْنِ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ وَرَثَتِهِمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ هُوَ الزَّوْجُ وَأَنَّ الْأُخْرَى هِيَ الزَّوْجَةُ لَمْ أَقْضِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَأَمَّا إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِخِلَافِ مَا جَرَى الْحُكْمُ بِهِ فَهُوَ مَرْدُودٌ بِلَا إشْكَالٍ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَيُّهُمَا كَانَ الزَّوْجَ فَقَدْ تَعَارَضَتْ الْبَيِّنَتَانِ وَاسْتَوَيَا فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَنْقُضُ الْأُخْرَى، وَإِنْ قَامَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ أَوَّلًا وَاتَّصَلَ الْقَضَاءُ بِهَا تَعَيَّنَ الْبُطْلَانُ لِلْبَيِّنَةِ الْأُخْرَى.
وَإِذَا شَهِدَ شُهُودٌ عَلَى خُنْثَى أَنَّهُ غُلَامٌ وَشَهِدَ شُهُودُ آخَرُونَ أَنَّهُ جَارِيَةٌ فَإِنْ كَانَ يَطْلُبُ مِيرَاثًا بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ قَضَيْت بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا أَنَّهُ غُلَامٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ إثْبَاتَ الزِّيَادَةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَطْلُبُ مِيرَاثًا وَكَانَ رَجُلٌ يَدَّعِي أَنَّهَا امْرَأَتُهُ قَضَيْت بِأَنَّهَا جَارِيَةٌ؛ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْبَيِّنَةِ إثْبَاتَ النِّكَاحِ وَالْحِلِّ، وَإِنْ كَانَ لَا يَطْلُبُ شَيْئًا وَلَا يُطْلَبُ مِنْ قِبَلِهِ شَيْءٌ لَمْ أَسْمَعْ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ؛ لِأَنَّ قَبُولَ الْبَيِّنَةِ تَنْبَنِي عَلَى دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى لِصِحَّةِ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ إذَا لَمْ يَدَّعِ بِهَا شَيْئًا فَلِهَذَا لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مِنْ أَثْبَتَ الْأُخُوَّةَ بِالْبَيِّنَةِ وَهُوَ لَا يَدَّعِي بِذَلِكَ شَيْئًا إذْ الثَّابِتُ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْإِقْرَارِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ بَعْدَ مَا عَرَفَ كَوْنَهُ مُشْكِلًا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ عَلَى أَحَدِ الْوَصْفَيْنِ لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ بِذَلِكَ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ
[كِتَابُ حِسَابِ الْوَصَايَا]
قَالَ الشَّيْخُ الْأَجَلُّ الزَّاهِدُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اعْلَمْ بِأَنَّ مَسَائِلَ هَذَا الْكِتَابِ مِنْ تَفْرِيعِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ وَقَدْ كَانَ هُوَ الْمُقَدَّمُ فِي عِلْمِ الْحِسَابِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيُوجَدُ غَيْرُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي تَصْنِيفٍ لَهُ سَمَّاهُ التَّكْمِلَاتُ وَإِنَّمَا جَمَعَهَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذَا التَّصْنِيفِ بَعْدَ مَا صَنَّفَ كُتُبَ الْحِسَابِ وَسَمَّاهُ حِسَابُ الْوَصَايَا؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ تَحْقِيقُ طَرِيقِ التَّعْمِيمِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ لِأَهْلِ الْكُوفَةِ فِي تَخْرِيجِ مَسَائِلِ الْحِسَابِ عَلَيْهِ وَالْحِسَابُ قَلَّ مَا يَعْتَمِدُونَ ذَلِكَ الطَّرِيقَ وَلَكِنَّ الْفُقَهَاءَ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - قَدَّمُوهُ عَلَى سَائِرِ الطُّرُقِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى طَرِيقِ الْفِقْهِ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute