الْبَنَاتِ بِخِلَافِ الْأَخَوَاتِ لِأُمٍّ لِأَنَّهُنَّ يُدْلِينَ بِالْأُمِّ، وَلَا تَأْثِيرِ لِقَرَابَتِهَا فِي الْعُصُوبَةِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ الذَّكَرَ هُوَ الَّذِي يُدْلِي بِقَرَابَتِهَا يُوَضِّحُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَطَ كَلَالَةً مُبْهَمَةً لِتَوْرِيثِ أَوْلَادِ الِابْنِ وَمَنْ لَهُ ابْنَةٌ فَلَيْسَ بِكَلَالَةٍ مُطْلَقًا وَشَرَطَ تَوْرِيثَ أَوْلَادِ الْأَبِ كَلَالَةً مُقَيَّدَةً بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ} [النساء: ١٧٦] أَيْ وَلَدٌ ذَكَرٌ بِدَلِيلِ آخِرِ الْآيَةِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كَانُوا إخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً} [النساء: ١٧٦] فَالشَّرْطُ هُنَاكَ عَدَمُ وَلَدٍ ذَكَرٍ بِالِاتِّفَاقِ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّرْطَ هُنَاكَ نَصًّا بَلْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا فِي أَوَّلِ الْآيَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ لَهُ ابْنَةٌ فَهُوَ كَلَالَةٌ مَعْنًى وَلَيْسَ بِكَلَالَةٍ صُورَةً فَإِنَّ الْكَلَالَةَ مَنْ يَكُونُ مُنْقَطِعَ النَّسَبِ، وَلَا نَسَبَ لِأَحَدِهِمْ فَإِنَّ الْإِخْوَةَ لَا يُنْسَبُونَ إلَى أَخِيهِمْ وَأَوْلَادُ الْبِنْتِ لَا يُنْسَبُونَ إلَى أَبِ أُمِّهِمْ، وَإِنَّمَا يُنْسَبُونَ إلَى أَبِ أَبِيهِمْ فَلِكَوْنِهِ كَلَالَةً مَعْنًى قُلْنَا يَرِثُهُ الْأَخَوَاتُ لِأَبٍ وَأُمٍّ، أَوْ لِأَبٍ وَلِكَوْنِهِ غَيْرَ كَلَالَةٍ صُورَة قُلْنَا لَا يَرِثُهُ الْأَخَوَاتُ لِأُمٍّ إذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ، وَإِنْ كَانُوا يَنَزَّلُونَ مَنْزِلَةَ الْأَوْلَادِ فِي الْإِرْثِ فَلَا يَنَزَّلُونَ مَنْزِلَتَهُمْ فِي الْحَجْبِ حَتَّى إنَّهُمْ لَا يَحْجُبُونَ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ وَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ لَا يَحْجُبُ الْأُمَّ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ بِخِلَافِ الْأَوْلَادِ لِأَنَّ الْحَجْبَ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْقَلَ فِيهِ الْمَعْنَى فَإِنَّمَا يَثْبُتُ فِي مَوْرِدِ النَّصِّ، وَإِنَّمَا وَرَدَ النَّصُّ بِهِ فِي الْأَوْلَادِ خَاصَّةً بِخِلَافِ الْإِرْثِ فَإِنَّهُ مَعْقُولُ الْمَعْنَى وَهُوَ الْقُرْبُ عَلَى مَا قَرَّرْنَا.
[فَصْلٌ فِي مِيرَاثِ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ]
فَإِنْ سُئِلْت عَنْ ثَلَاثَةِ إخْوَةٍ مُتَفَرِّقِينَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَلَاثُ إخْوَةٍ مُتَفَرِّقُونَ فَقُلْ هَذَا مَيِّتٌ تَرَكَ أَخَوَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأَرْبَعَ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ وَأَرْبَعَ إخْوَةٍ لِأُمٍّ لِأَنَّ أَخَ أَخِيهِ لِأَبٍ وَأُمٍّ مِثْلُهُ أَخٌ لِلْمَيِّتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَإِخْوَةٌ لِأَبٍ لِلْمَيِّتِ كَذَلِكَ وَإِخْوَةٌ لِأُمٍّ لِلْمَيِّتِ كَذَلِكَ. فَأَمَّا أَخٌ الْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأَخُوهُ هُمَا أَخَوَا الْمَيِّتِ لِأَبٍ وَأَخُوهُ لِأُمٍّ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْمَيِّتِ فَحَصَلَ لِلْمَيِّتِ أَخَوَانِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأَرْبَعُ إخْوَةٍ لِأَبٍ وَأَرْبَعُ إخْوَةٍ فَلِلْإِخْوَةِ لِأُمٍّ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي لِلْأَخَوَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَلَا شَيْءَ لِلْإِخْوَةِ لِأَبٍ فَإِنْ قَالَ تَرَكَ ثَلَاثَ أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ مَعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ فَهُوَ فِي الْحَاصِلِ تَرَكَ أُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأَرْبَعَ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ وَأَرْبَعَ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي قُلْنَا فَلِلْأَخَوَاتِ لِأُمٍّ الثُّلُثُ وَلِلْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ الثُّلُثَانِ فَإِنْ قَالَ تَرَكَ ثَلَاثَ إخْوَةٍ مُتَفَرِّقِينَ وَثَلَاثَ أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ مَعَ كُلِّ أَخٍ ثَلَاثُ إخْوَةٍ مُتَفَرِّقِينَ وَمَعَ كُلِّ أُخْتٍ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ فَهُوَ فِي الْحَاصِلِ تَرَكَ أَخَوَيْنِ وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأَرْبَعَ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ وَأَرْبَعَ إخْوَةٍ وَأَرْبَعَ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي قُلْنَا فَيَكُونُ لِلْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِأُمٍّ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute