للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنْ يَأْتِيَ بِأَحَدِهِمَا وَيَتْرُكَ الْآخَرِ فَلِهَذَا كَانَ صَرْفُ الْمَاءِ إلَى النَّجَاسَةِ أَوْلَى وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ التَّيَمُّمِ]

قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - التَّيَمُّمُ فِي اللُّغَةِ الْقَصْدُ وَمِنْهُ قَوْلُ الْقَائِلِ

وَمَا أَدْرِي إذَا يَمَّمْتُ أَرْضًا ... أُرِيدُ الْخَيْرَ أَيُّهُمَا يَلِينِي

أَيْ قَصَدْت، وَفِي الشَّرِيعَةِ عِبَارَةٌ عَنْ الْقَصْدِ إلَى الصَّعِيدِ لِلتَّطْهِيرِ الِاسْمُ شَرْعِيٌّ فِيهِ مَعْنَى اللُّغَةِ (وَثُبُوتُ التَّيَمُّمِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ) أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: ٤٣] وَنُزُولُ الْآيَةِ فِي غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ حِينَ عَرَّسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةً فَسَقَطَ عِقْدُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَلَمَّا ارْتَحَلُوا ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَعَثَ رَجُلَيْنِ فِي طَلَبِهِ وَنَزَلُوا يَنْتَظِرُونَهُمَا فَأَصْبَحُوا وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَأَغْلَظَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَقَالَ حَبَسْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُسْلِمِينَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ فَلَمَّا صَلَّوْا جَاءَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ إلَى مِضْرَبِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَجَعَلَ يَقُولُ مَا أَكْثَرَ بَرَكَتَكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ وَفِي رِوَايَةٍ يَرْحَمُكِ اللَّهُ يَا عَائِشَةُ مَا نَزَلَ بِك أَمْرٌ تَكْرَهِينَهُ إلَّا جَعَلَ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ فَرَجًا.

وَالسُّنَّةُ مَا رُوِيَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا أَيْنَمَا أَدْرَكَتْنِي الصَّلَاةُ تَيَمَّمَتْ وَصَلَّيْتُ» وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «التُّرَابُ طَهُورُ الْمُسْلِمِ وَلَوْ إلَى عَشْرِ حِجَجٍ مَا لَمْ تَجِدْ الْمَاءَ» إذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ يَنْتَظِرُ مَنْ لَا يَجِدُ الْمَاءَ آخِرَ الْوَقْتِ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ صَعِيدًا طَيِّبًا وَهَذَا إذَا كَانَ عَلَى طَمَعٍ مِنْ وُجُودِ الْمَاءِ، فَإِنْ كَانَ لَا يَرْجُو ذَلِكَ لَا يُؤَخِّرْ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا الْمَعْهُودِ؛ لِأَنَّ الِانْتِظَارَ إنَّمَا يُؤْمَرُ بِهِ إذَا كَانَ مُفِيدًا، فَإِذَا كَانَ عَلَى طَمَعٍ فَالِانْتِظَارُ مُفِيدٌ لَعَلَّهُ يَجِدُ الْمَاءَ فَيُؤَدِّي الصَّلَاةَ بِأَكْمَلِ الطَّهَارَتَيْنِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى طَمَعٍ مِنْ الْمَاءِ فَلَا فَائِدَةَ فِي الِانْتِظَارِ فَلَا يَشْتَغِلُ بِهِ.

ثُمَّ بَيَّنَ صِفَةَ التَّيَمُّمِ فَقَالَ (يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَرْفَعُهُمَا فَيَنْفُضُهُمَا وَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ ثُمَّ يَضَعُ يَدَيْهِ ثَانِيَةً عَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَرْفَعُهُمَا فَيَنْفُضُهُمَا ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا كَفَّيْهِ وَذِرَاعَيْهِ مِنْ الْمِرْفَقَيْنِ. قَالَ: فَإِنْ مَسَحَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَلَمْ يَمْسَحْ ظَهْرَ كَفَّيْهِ لَمْ يُجْزِهِ) فَقَدْ ذَكَرَ الْوَضْعَ، وَالْآثَارُ جَاءَتْ بِلَفْظِ الضَّرْبِ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَمَّا يَكْفِيك ضَرْبَتَانِ» وَالْوَضْعُ جَائِزٌ وَالضَّرْبُ أَبْلُغُ لِيَتَخَلَّلَ التُّرَابُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ وَيَنْفُضُهُمَا مَرَّةً وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>