للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَيِّتًا فَالْجَدُّ فِي الْوِلَايَةِ قَائِمٌ مَقَامَ الْأَبِ بَعْدَ وَفَاتِهِ لِصِحَّةِ دَعْوَةِ النَّسَبِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْجَدُّ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ لَمْ تَجُزْ دَعْوَتُهُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى وَلَدِ ابْنَتِهِ، وَلَا فِي مَالِهِ فَلَا يُمْكِنُ إيجَادُ شَرْطِ الدَّعْوَةِ وَهُوَ تَمَلُّكُ الْجَارِيَةِ عَلَيْهِ بِالِاسْتِيلَادِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ وَطِئَ جَارِيَتَهُ، ثُمَّ وَلَدَتْ فَلَمْ تَدَّعِهِ، وَادَّعَاهُ أَبُوهُ جَازَتْ دَعْوَتُهُ؛ لِأَنَّ مَوْطُوءَةَ الِابْنِ مُحْتَمِلَةٌ لِلنَّقْلِ إلَى الْأَبِ بِالْعِوَضِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَحِلُّ لَهُ فَيَتَحَقَّقُ فِيهَا مَا هُوَ شَرْطُ الدَّعْوَةِ

قَالَ: وَإِذَا ادَّعَى الْأَبُ نَسَبَ وَلَدِ جَارِيَةِ الِابْنِ فَضَمِنَ قِيمَتَهَا لِلِابْنِ، ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا، وَعُقْرَهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا؛ لِأَنَّ الْأَبَ هُنَا بِمَنْزِلَةِ الْمَغْرُورِ؛ لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةُ الِابْنِ ظَاهِرًا؛ وَلِلْأَبِ حَقُّ الِاسْتِيلَادِ فِي مِلْكِ الِابْنِ فَإِذَا ظَهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مَغْرُورًا فَيَغْرَمُ عُقْرَهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا وَيَرْجِعُ عَلَى الِابْنِ بِمَا أَدَّى إلَيْهِ مِنْ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَتَمَلَّكْهَا عَلَى أَبِيهِ، وَأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْقِيمَةَ مِنْهُ بِغَيْرِ حَقٍّ.

وَكَذَلِكَ لَوْ وَطِئَ أَمَةَ مُكَاتَبِهِ فَوَلَدَتْ وَادَّعَاهُ الْمَوْلَى، وَصَدَّقَهُ الْمُكَاتَبُ، ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ قَضَى لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَيْهِ بِالْعُقْرِ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَغْرُورِ فَإِنَّ لَهُ فِي كَسْبِ الْمُكَاتَبِ حَقَّ مِلْكٍ يَكْفِي لِصِحَّةِ اسْتِيلَادِهِ وَبِالِاسْتِحْقَاقِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مَغْرُورًا فَيَغْرَمُ لِلْمُسْتَحِقِّ عُقْرَهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِمَا غَرِمَ لَهُ مِنْ الْعُقْرِ، وَقِيمَةِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ مَا أَتْلَفَ عَلَى الْمُكَاتَبِ شَيْئًا فَلَا يُسَلَّمُ لِلْمُكَاتَبِ شَيْءٌ مِنْ قِيمَتِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[الْحَمِيلِ وَالْمَمْلُوكِ وَالْكَافِرِ]

بَابُ (الْحَمِيلِ وَالْمَمْلُوكِ وَالْكَافِرِ) (قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الْأَصْلُ أَنَّ إقْرَارَ الرَّجُلِ يَصِحُّ بِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ بِالْأَبِ وَالِابْنِ، وَالْمَرْأَةِ وَمَوْلَى الْعَتَاقَةِ، وَإِقْرَارَ الْمَرْأَةِ يَصِحُّ مِنْ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ بِالْأَبِ، وَالزَّوْجِ وَمَوْلَى الْعَتَاقَةِ، وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهَا بِالْوَلَدِ)؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ مَقْبُولٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {بَلْ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} [القيامة: ١٤] وَعَلَى الْغَيْرِ مَرْدُودٌ لِلتُّهْمَةِ فَالرَّجُلُ بِالْإِقْرَارِ مُقِرٌّ بِالْوَلَدِ عَلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يُنْسَبُ إلَيْهِ وَالْمَرْأَةُ تُقِرُّ عَلَى الْغَيْرِ، وَهُوَ صَاحِبُ الْفِرَاشِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يُنْسَبُ إلَيْهِ لَا إلَيْهَا فَلَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهَا بِالْوَلَدِ لِهَذَا وَفِي الثَّلَاثَةِ هِيَ مُقِرَّةٌ عَلَى نَفْسِهَا كَالرَّجُلِ فَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ وَالْإِقْرَارُ بِمَا سِوَى هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ الْقَرَابَاتِ كَالْأُخُوَّةِ وَالْأَعْمَامِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يَحْمِلُ نَسَبَهُ عَلَى غَيْرِهِ فَإِنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ بَيْنَهُمَا لَا يَكُونُ إلَّا بِوَاسِطَةٍ وَفِي تِلْكَ الْوَاسِطَةِ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ فَلَمْ يَكُنْ صَحِيحًا وَالْأَصْلُ فِيهِ حَدِيثُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يُورَثُ الْحَمِيلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.

وَأَصْلُ هَذَا مَا رُوِيَ عَنْ الشَّعْبِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ امْرَأَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>