للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِحْيَاءُ وَالْحُكْمُ بَعْدَ وُجُوبِ السَّبَبِ يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ شَرْطِهِ، ثُمَّ النَّاسُ فِي الْمَوَاتِ مِنْ الْأَرَاضِي سَوَاءٌ فَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ فِيهِ إذْنَ الْإِمَامِ أَدَّى إلَى امْتِدَادِ الْمُنَازَعَةِ وَالْخُصُومَةِ بَيْنَهُمْ فِيهَا فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَرْغَبُ فِي إحْيَاءِ نَاحِيَةٍ وَجَعَلَ التَّدْبِيرَ فِي مِثْلِهِ إلَى الْأَئِمَّةِ يَرْجِعُ إلَى

الْمَصْلَحَةِ

لِمَا فِيهِ مِنْ إطْفَاءِ ثَائِرَةِ الْفِتْنَةِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَعُودُ فِي كِتَابِ الشُّرْبِ مَعَ بَيَانِ حَدِّ الْمَوَاتِ فَمَا زَادَ عَلَى هَذَا نُبَيِّنُهُ هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[بَابُ مَا يُوضَعُ فِيهِ الْخُمُسُ]

(قَالَ) مَنْ أَصَابَ رِكَازًا وَسِعَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِخُمُسِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَإِذَا أَطَلَعَ الْإِمَامَ عَلَى ذَلِكَ أَمْضَى لَهُ مَا صَنَعَ؛ لِأَنَّ الْخُمُسَ حَقُّ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَقَدْ أَوْصَلَهُ إلَى مُسْتَحِقِّهِ، وَهُوَ فِي إصَابَةِ الرِّكَازِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى حِمَايَةِ الْإِمَامِ فَكَانَ هُوَ فِي الْحُكْمِ كَزَكَاةِ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَى جَمِيعِ ذَلِكَ وَسِعَهُ أَنْ يُمْسِكَهُ لِنَفْسِهِ لِقَوْلِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِنْ وَجَدْتهَا فِي قَرْيَةٍ خَرِبَتْ عَلَى عَهْدِ فَارِسَ فَخُمُسُهَا لَنَا وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لَك وَسَنُتِمُّهَا لَك أَيْ نُعْطِيَك الْخُمُسَ مِنْهَا أَيْضًا؛ وَلِأَنَّ وُجُوبَ الْخُمُسِ فِي الْمُصَابِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مِمَّا أَوْجَفَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فَلَا يَكُونُ الْوُجُوبُ عَلَى الْمُصِيبِ خَاصَّةً فَهُوَ فِي كَوْنِهِ مَصْرِفًا كَغَيْرِهِ وَلَوْ رَأَى الْإِمَامُ فِي خُمُسِ الْغَنَائِمِ أَنْ يَصْرِفَهَا إلَى الْغَانِمِينَ لِحَاجَتِهِمْ وَسِعَهُ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ هَذَا الْمُصِيبُ فِي الْخُمُسِ وَإِنْ تَصَدَّقَ بِالْخُمُسِ عَلَى أَهْلِ الْحَاجَةِ مِنْ أَوْلَادِهِ وَآبَائِهِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ لَهُ وَضْعُهُ فِي نَفْسِهِ عِنْدَ حَاجَتِهِ فَفِي آبَائِهِ وَأَوْلَادِهِ أَوْلَى، وَهُوَ نَظِيرُ خُمُسِ الْغَنَائِمِ إذَا رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يَضَعَهُ فِي أَوْلَادِ الْغَانِمِينَ وَآبَائِهِمْ.

(قَالَ): وَمَا جُبِيَ مِنْ الْخَرَاجِ فَهُوَ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ يُعْطِي الْإِمَامُ مِنْهُ أَعْطِيَةَ الْمُقَاتِلَةِ وَفِي نَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا يُجْبَى إلَى بَيْتِ الْمَالِ أَنْوَاعٌ أَرْبَعٌ أَحَدُهَا الْخُمُسُ وَمَصْرِفُهُ مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١] الْآيَةُ قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ سَهْمُ اللَّهِ وَسَهْمُ الرَّسُولِ وَاحِدٌ. وَقَالَ قَتَادَةُ: ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى لِافْتِتَاحِ الْكَلَامِ فَكَانَ الْخُمُسُ يُقَسَّمُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى خَمْسَةٍ، ثُمَّ سَقَطَ سَهْمُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَوْتِهِ عِنْدَنَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هُوَ مَصْرُوفٌ إلَى كُلِّ خَلِيفَةٍ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُمْ نَائِبُونَ مِنَّا بِهِ مُحْتَاجُونَ إلَى مَا كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ مِنْ جَوَائِزِ الْوُفُودِ وَالرُّسُلِ.

(وَلَنَا) أَنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - مَا رَفَعُوا هَذَا السَّهْمَ لِأَنْفُسِهِمْ وَكَانَ لِرَسُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>