فَإِذَا تَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنِ يَحْسِبُ الْمَدْيُونُ نَصِيبَهُ مِمَّا عَلَيْهِ فَذَلِكَ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثَانِ، وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ فَيُرَدُّ عَلَى الْخَادِمِ مِنْ ذَلِكَ إلَى تَمَامِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَذَلِكَ خُمُسُ الْمَالِ لِأَنَّ حَقَّهَا فِي ثَلَاثَةِ أَخْمَاسٍ الثُّلُثُ هُوَ خُمُسُ الْمَالِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ وَالصِّحَّةِ]
(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ لِجَارِيَةٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا هَذِهِ أُمُّ وَلَدِي ثُمَّ مَاتَ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْوَرَثَةُ فَهِيَ حُرَّةٌ لَا سَبِيلَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَذَّبُوهُ سَعَتْ فِي ثُلُثِ قِيمَتِهَا فَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْمَقَالَةَ مِنْ الْمَوْلَى إمَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهَا وَلَدٌ أَوْ لَا يَكُونُ مَعَهَا وَلَدٌ وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ وَلَدَتْ الْوَلَدَ فِي مِلْكِهِ أَوْ اشْتَرَاهَا فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ، وَإِمَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْوَرَثَةُ فِي ذَلِكَ أَوْ يَكْذِبُوهُ فَإِنْ صَدَّقُوهُ فِي ذَلِكَ فَهِيَ حُرَّةٌ مَعَ وَلَدِهَا، وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الثَّابِتَ بِتَصَادُقِهِمْ فِي حَقِّهِمْ كَالثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْوَرَثَةُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِهِ فَهِيَ حُرَّةٌ مَعَ وَلَدِهَا سَوَاءٌ كَانَ قَالَ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ لِأَنَّ ثُبُوتَ نَسَبِ الْوَلَدِ يَكُونُ شَاهِدًا لَهَا، وَيَكُونُ ذَلِكَ كَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةُ فِي إثْبَاتُ حُرِّيَّتِهَا، وَحُرِّيَّةِ الْوَلَدِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِقَوْلِ الْمَوْلَى فِي حَقِّ النَّسَبِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حَوَائِجِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَد فَإِنْ كَانَ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ فِي صِحَّتِهِ فَهِيَ حُرَّةٌ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ إعْتَاقَهَا فِي صِحَّتِهِ فَلَا تَتَمَكَّنُ التُّهْمَةُ فِي إقْرَارِهِ بِأُمِّيَّةِ الْوَلَدِ لَهَا فَإِنْ قِيلَ هَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِيمَا إذَا أَقَرَّ لَهَا بِالتَّدْبِيرِ فِي صِحَّتِهِ قُلْنَا: نَعَمْ، وَلَكِنْ بِسَبَبِ انْتِفَاءِ التُّهْمَةِ يَصِيرُ مَا أَقَرَّ بِهِ كَأَنَّهُ أَنْشَأَهُ، وَلَوْ أَسْنَدَ الِاسْتِيلَادَ فِي صِحَّتِهِ اُعْتُبِرَتْ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَلَوْ أَنْشَأَ التَّدْبِيرَ كَانَ مُعْتَبَرًا مِنْ الثُّلُثِ، وَهَذَا لِأَنَّ التَّدْبِيرَ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ الِاسْتِيلَادِ، وَإِنْ كَانَ قَالَ فِي مَرَضِهِ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ فَإِنَّهَا تَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا لِأَنَّهُ صَارَ مُتَّهَمًا فِي إقْرَارِهِ فَإِنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَانَتْ مِنْ ثُلُثِهِ فَلَعَلَّهُ أَخْرَجَ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الْإِقْرَارِ لِإِبْطَالِ حَقِّ الْوَرَثَةِ عَنْهَا فَلِهَذَا لَا تُصَدَّقُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، وَتَسْعَى فِي ثُلْثَيْ قِيمَتِهَا، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ قَدْ اشْتَرَاهُمَا فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُمَا فِي صِحَّتِهِ عِتْقًا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ لِأَنَّهُ يُسْنِدُ إقْرَارَهُ لَهُمَا إلَى وَقْتِ الشِّرَاءِ، وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ بِالصِّحَّةِ. وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُمَا فِي مَرَضِهِ فَإِنَّ الْوَلَدَ يَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِأَنَّ دَعْوَتَهُ دَعْوَةُ التَّخْدِيمِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْإِعْتَاقِ، وَإِنَّمَا عَتَقَ عَلَيْهِ مِنْ حِينِ مَلْكَهُ، وَذَلِكَ فِي مَرَضِهِ فَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ فَيَرِثُ ذَلِكَ أَقْرَبُ النَّاسِ مِنْ الْمَيِّتِ بَعْدَ هَذَا الْوَلَدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّ الْمُسْتَسْعَى عِنْدَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute