مُكَاتِبٌ فَلَا يَرِثُ شَيْئًا، وَعِنْدَهُمَا الْمُسْتَسْعَى حُرٌّ فَيَرِثُهُ مَعَ سَائِرِ الْوَرَثَةِ. وَإِذَا كَانَ وَارِثًا عِنْدَهُمَا لَمْ يَكُنْ وَصِيَّةً، وَكَانَ عَلَيْهِ السِّعَايَةُ فِي جَمِيعِ الْقِيمَةِ، وَهِيَ لَا تَسْعَى فِي شَيْءٍ لِأَنَّ ثُبُوتَ نَسَبِ الْوَلَدِ شَاهِدٌ لَهَا فِي حَقِّ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ فَيَنْزِلُ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَلِهَذَا لَا يَلْزَمُهَا السِّعَايَةُ فِي شَيْءٍ.
وَلَوْ قَالَ فِي صِحَّتِهِ هَذِهِ أُمُّ وَلَدِي أَوْ مُدَبَّرَتِي ثُمَّ مَاتَ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا فَإِنَّهَا تُعْتَقُ وَتَسْعَى فِي ثُلُثِ قِيمَتِهَا لِأَنَّهُ خَيَّرَ نَفْسَهُ بَيْنَ الْجَانِبَيْنِ التَّدْبِيرِ وَأُمِّيَّةِ الْوَلَدِ، وَحُكْمُهُمَا مُخْتَلِفٌ فَكَانَ الْبَيَانُ إلَيْهِ مَا دَامَ حَيًّا، وَبِمَوْتِهِ فَاتَ الْبَيَانُ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَيَثْبُتُ حُكْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْكَلَامَيْنِ فِي نِصْفِهِ فَيُعْتَقُ نِصْفُهَا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ بِإِقْرَارِهِ بِالِاسْتِيلَادِ فِي صِحَّتِهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ مِنْهَا إنَّمَا يُعْتَقُ بِالتَّدْبِيرِ فَيَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ، وَمَالُهُ نِصْفُ رَقَبَتِهَا فَيُعْتَقُ ثُلُثُ ذَلِكَ النِّصْفِ، وَتَسْعَى فِي ثُلُثَيْهِ، وَذَلِكَ ثُلُثُ قِيمَتِهَا فِي الْحَاصِلِ.
وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ أُمُّ وَلَدِي أَوْ حُرَّةٌ أَوْ مُدَبَّرَةٌ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ تُعْتَقُ وَتَسْعَى فِي ثُلُثِ قِيمَتِهَا لِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْمَرَضِ مُعْتَبَرٌ مِنْ الثُّلُثِ كَالتَّدْبِيرِ فَكَانَ قَوْلُهُ أَوْ حُرَّةٌ أَوْ مُدَبَّرَةٌ كَكَلَامٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ حُكْمَهُمَا وَاحِدٌ، وَإِنَّمَا اعْتِبَارُ الْكَلَامِ بِحُكْمِهِ لَا بِصُورَتِهِ فَلِهَذَا كَانَ هَذَا الْفَصْلُ وَالْأَوَّلُ فِي التَّخْرِيجِ سَوَاءً.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ جَارِيَةٌ، وَلَهَا ابْنَةٌ، وَلِابْنَتِهَا ابْنَةٌ، وَلَهُ عَبْدٌ، وَجَمِيعُ هَؤُلَاءِ يُولَدُ مِثْلُهُمْ لِمِثْلِهِ فَقَالَ فِي صِحَّتِهِ أَحَدُ هَؤُلَاءِ وَلَدِي ثُمَّ مَاتَ، وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ أَحَدِهِمْ لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ بِالنَّسَبِ مِنْهُمْ مَجْهُولٌ وَالنَّسَبُ فِي الْمَجْهُولِ فِي حُكْمِ الْعَيْنِ كَالْمُتَعَلِّقِ بِخَطَرِ الْبَيَانِ وَالنَّسَبِ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ فَلَا يَصِحُّ إيجَابُهُ فِي الْمَجْهُولِ، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ بِهِ كَمَا لَوْ قَالَ لِمَعْرُوفِ النَّسَبِ هَذَا ابْنِي ثُمَّ يُعْتَقُ مِنْ الْغُلَامِ رُبْعُهُ، وَيَسْعَى فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ يُعْتَقُ فِي الْحَالِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَقْصُودَ، وَيَرِثُ فِي ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ، وَتَسْعَى الْجَارِيَةُ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا لِأَنَّهَا تُعْتَقُ فِي حَالَيْنِ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ هِيَ الْمَقْصُودَةَ فَهِيَ حُرَّةٌ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ وَلَدَهَا فَهِيَ حُرَّةٌ بِالِاسْتِيلَادِ أَيْضًا، وَلَكِنَّ أَحْوَالَ الْإِصَابَةِ كَحَالَةٍ وَاحِدَةٍ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَاتِ يُعْتَقُ ثُلُثُهَا، وَتَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا، وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الِاثْنَيْنِ فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا لِأَنَّ الْعُلْيَا مِنْهُمَا تُعْتَقُ فِي ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ بِأَنْ تَكُونَ هِيَ الْمَقْصُودَةَ وَابْنَتُهَا أَوْ أُمُّهَا، وَأَحْوَالُ الْإِصَابَةِ حَالَةٌ وَاحِدَةٌ فَكَأَنَّهَا تُعْتَقُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ، وَكَذَلِكَ الصُّغْرَى إنْ كَانَتْ هِيَ الْمَقْصُودَةَ أَوْ أُمُّهَا أَوْ جَدَّتُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ هُوَ الْغُلَامَ فَهِيَ أَمَةٌ فَيُعْتَقُ نِصْفُهَا، وَإِنْ كَانَ هَذَا مِنْهُ فِي مَرَضِهِ اقْتَسَمُوا الثُّلُثَ عَلَى ذَلِكَ يَضْرِبُ فِيهِ الْغُلَامُ بِرُبْعِ قِيمَتِهِ وَالْجَارِيَةُ بِثُلُثِ ذَلِكَ، وَوَاحِدٌ مِنْ الْوَلَدَيْنِ بِالنِّصْفِ فَيَحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ لَهُ ثُلُثٌ وَرُبْعٌ وَنِصْفٌ، وَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ ثُمَّ الطَّرِيقُ فِي التَّخْرِيجِ مَعْلُومٌ.
وَلَوْ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute