للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِيَمِينِهِ.

وَإِنْ خَاصَمَهُ فِي الشُّفْعَةِ فَسَلَّمَ لَهُ نِصْفَ الدَّارِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ الَّذِي صَالَحَ عَلَيْهِمَا الْمُدَّعِي جَازَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ مِنْهُ ابْتِدَاءً

وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا فَسَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ، ثُمَّ جَحَدَ التَّسْلِيمَ وَخَاصَمَهُ فَصَالَحَهُ عَلَى أَنْ أَعْطَاهُ نِصْفَ الدَّارِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ جَازَ وَهَذَا وَالْبَيْعُ الْمُبْتَدَأُ مِنْهُ سَوَاءٌ

وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ الشَّفِيعُ، ثُمَّ صَالَحَ الْوَرَثَةَ الْمُشْتَرِيَ عَلَى نِصْفِ الدَّارِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ جَازَ كَالْبَيْعِ الْمُبْتَدَأِ

وَإِذَا ادَّعَى الرَّجُلُ شُفْعَةً فِي دَارٍ فَصَالَحَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ دَارًا أُخْرَى بِدَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ الشُّفْعَةَ فَهَذَا فَاسِدٌ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ بَائِعُ الدَّارِ الْأُخْرَى مِنْهُ وَقَدْ شَرَطَ فِيهِ تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ وَهُوَ شَرْطٌ يَنْتَفِعُ بِهِ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَإِذَا شُرِطَ فِي الْبَيْعِ فَسَدَ الْعَقْدُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ الشُّفْعَةَ

وَلَوْ ادَّعَى شُفْعَةً فِي عَبْدٍ فَصَالَحَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ نِصْفَ الْعَبْدِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَهُوَ مَعْلُومٌ عِنْدَهُمَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مُبْتَدَأٌ وَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ التَّسْلِيمِ وَبِفِعْلِ التَّسْلِيمِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ لَفْظٌ كَمَا هُوَ مَذْهَبُنَا فِي انْعِقَادِ الْبَيْعِ صَحِيحًا بِالتَّعَاطِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ الصُّلْحِ الْفَاسِدِ]

(قَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ -) وَإِذَا ادَّعَى الرَّجُلُ فِي دَارٍ حَقًّا فَصَالَحَهُ ذُو الْيَدِ عَلَى عَبْدٍ إلَى أَجَلٍ فَالصُّلْحُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ تَصْحِيحَ الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ بِطَرِيقِ الْبِنَاءِ عَلَى زَعْمِ الْمُدَّعِي وَفِي زَعْمِهِ أَنَّهُ يَتَمَلَّكُ الْعَبْدَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ بِعِوَضٍ هُوَ مَالٌ وَذَلِكَ فَاسِدٌ فَإِنْ قِيلَ الْحَيَوَانُ يَثْبُتُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ فِي الْعُقُودِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى التَّوَسُّعِ فِي الْبَدَلِ كَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ قُلْنَا لَا كَذَلِكَ وَلَكِنْ الْحَيَوَانُ لَا يَثْبُتُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ بَدَلًا عَمَّا هُوَ مَالٌ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ بَدَلًا عَمَّا لَيْسَ بِمَالٍ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ الْغُرَّةَ وَجَبَتْ شَرْعًا فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ دُونَ جَنِينِ الْأَمَةِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ مُقَابَلَةَ مَا لَيْسَ بِمَالٍ بِمَالٍ لَا يَثْبُتُ ثُبُوتًا صَحِيحًا بَلْ يُرَدَّدُ بَيْنَ الْحَيَوَانِ وَالْقِيمَةِ وَبِمُقَابَلَةِ مَا هُوَ مَالٌ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، ثُمَّ الصُّلْحُ عَلَى الْإِنْكَارِ فِي الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ غَيْرُ مَبْنِيٍّ عَلَى التَّوَسُّعِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ مَعَ جَهَالَةِ الصِّفَةِ وَأَنَّهُ يُرَدُّ بِالْعَيْبِ الْيَسِيرِ وَالْفَاحِشِ فَكَذَلِكَ لَا يَثْبُتُ الْحَيَوَانُ فِيهِ دَيْنًا فَإِنْ كَانَ صَالَحَهُ مِنْ حَقِّهِ فَقَدْ أَقَرَّ لَهُ بِالْحَقِّ وَلَكِنْ لَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَهُ فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يُقِرَّ بِشَيْءٍ لِإِنْكَارِهِ الزِّيَادَةَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ حَقٌّ، وَإِنْ كَانَ صَالَحَهُ مِنْ دَعْوَاهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إقْرَارًا؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى قَدْ تَكُونُ حَقًّا وَقَدْ تَكُون بَاطِلًا.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَعْوَى لَا يَصِيرُ مُقِرًّا لَهُ بِشَيْءٍ بِهَذَا اللَّفْظِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ حَقٌّ فَكَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>