للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي ضِمْنِ الْعَقْدِ، وَالْعَقْدُ بَاطِلٌ.

وَإِنْ كَانَ أَعْطَى مِنْ الْمِائَةِ ثَوْبًا، أَوْ دِينَارًا كَانَ ذَلِكَ بَيْعًا صَحِيحًا، عَلَى أَنْ تَكُونَ الْمِائَةُ بِمِائَةٍ، وَالْبَاقِي بِإِزَاءِ الثَّوْبِ، وَالدِّينَارِ، وَإِنْ مَاتَ الْمَرِيضُ، وَأَبَتْ الْوَرَثَةُ أَنْ يُجِيزُوا، يُخَيَّرُ صَاحِبُ الدِّينَارِ، وَالثَّوْبِ، فَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ لِتَغْيِيرِ شَرْطٍ عَلَيْهِ، وَإِنْ شَاءَ كَانَ لَهُ مِنْ الْأَلْفِ مِائَةٌ مَكَانَ مِائَةٍ، وَقِيمَةُ الدِّينَارِ، أَوْ الْعَرَضِ بِطَرِيقِ الْمُعَاوَضَةِ، وَثُلُثُ الْأَلْفِ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ؛ إذَا كَانَ الدِّينَارُ، وَالْأَلْفُ قَائِمَةً فِي يَدِ الْوَرَثَةِ كَمَا بَيَّنَّا.

وَإِذَا كَانَ لِلْمَرِيضِ إبْرِيقُ فِضَّةٍ فِيهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا، فَبَاعَهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَقِيمَتُهَا عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، ثُمَّ مَاتَ، وَأَبَتْ الْوَرَثَةُ أَنْ يُجِيزُوا، فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّهُ لِتَغَيُّرِ شَرْطِ عَقْدِهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ ثُلُثَيْ الْإِبْرِيقِ بِثُلُثَيْ الْمِائَةِ، وَثُلُثُهُ لِلْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمُحَابَاةِ إنَّمَا تَنْفُذُ فِي مِقْدَارِ الثُّلُثِ، وَيَتَعَذَّرُ هُنَا جَعْلُ شَيْءٍ مِنْ الْإِبْرِيقِ لَهُ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ، وَاعْتِبَارِ الْمُفَاوَضَةِ فِيمَا بَقِيَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا؛ لِأَنَّ مُبَادَلَةَ الدَّرَاهِمِ بِجِنْسِهَا لَا يَجُوزُ إلَّا وَزْنًا بِوَزْنٍ، وَلَا قِيمَةَ لِلصَّنْعَةِ، وَالْجَوْدَةِ فِي هَذِهِ الْمُبَادَلَةِ، إلَّا أَنَّهَا مُتَقَوِّمَةٌ فِي حَقِّ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ لَهَا قِيمَةٌ تَبَعًا لِلْأَصْلِ، وَلَا يَمْلِكُ الْمَرِيضُ إسْقَاطَ حَقِّ الْوَرَثَةِ عَنْهَا مَجَّانًا فَإِذَا تَعَذَّرَ الْوَجْهَانِ كَانَ الطَّرِيقُ مَا قَالَ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ فِي ثُلُثَيْ مَالِ الْمَرِيضِ، وَمَالُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا، وَثُلُثَاهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ، فَإِذَا أَخَذَ الْوَرَثَةُ ثُلُثَ الْإِبْرِيقِ، وَقِيمَةُ ذَلِكَ سِتَّةُ دَنَانِيرَ، وَثُلُثَا دِينَارٍ، وَأَخَذُوا ثُلُثَيْ الْمِائَةِ، وَقِيمَةُ ذَلِكَ سِتَّةُ دَنَانِيرَ، وَثُلُثَا دِينَارٍ؛ حَصَلَ لَهُمْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ دِينَارًا، وَثُلُثٌ كَمَالُ حَقِّهِمْ، وَسُلِّمَ لِلْمُشْتَرِي ثُلُثَا الْإِبْرِيقِ، وَقِيمَتَهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ دِينَارًا، وَثُلُثٌ بِثُلُثَيْ الْمِائَةِ، وَقِيمَتُهُ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ، فَيُسَلَّمُ لَهُ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ ثُلُثُ مَالِ الْمَرِيضِ، سِتَّةُ دَنَانِيرَ وَثُلُثَا دِينَارٍ، وَقَدْ سُلِّمَ لِلْوَرَثَةِ ضِعْفُ ذَلِكَ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ، وَالثُّلُثَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الْإِجَارَةِ فِي عَمَلِ التَّمْوِيهِ]

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَإِذَا دَفَعَ لِجَامًا، أَوْ حِرْزًا إلَى رَجُلٍ لِيُمَوِّهَهُ لَهُ بِفِضَّةٍ وَزْنًا، مَعْلُومًا، يَكُونُ قَرْضًا عَلَى الدَّافِعِ، وَيُعْطِيَهُ أَجْرًا مَعْلُومًا فَهُوَ جَائِزٌ، وَيَلْزَمُهُ الْأَجْرُ، وَالْقَرْضُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَقْرَضَ مِنْهُ الْفِضَّةَ، وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَصْرِفَهَا إلَى مِلْكِهِ، فَيَصِيرُ قَابِضًا لَهَا بِإِبْطَالِهِ تَمَلُّكَهُ، وَعَلَيْهِ مِثْلُهَا، ثُمَّ اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلٍ مَعْلُومٍ بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ، وَقَدْ أَوْفَى الْعَمَلَ فَلَهُ الْأَجْرُ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ مَا صَنَعَ مِنْ الْفِضَّةِ؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ اللِّجَامِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الصَّانِعَ يَدَّعِي زِيَادَةً فِيمَا أَقْرَضَهُ، وَهُوَ يُنْكِرُ ذَلِكَ، وَيَحْلِفُ عَلَى عَمَلِهِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِحْلَافٌ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ.

فَإِنْ قَالَ مَوِّهْهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فِضَّةٍ عَلَى أَنْ أُعْطِيك مِنْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>