للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالْبَائِعِ لِنَفْسِهِ وَإِذَا تَعَذَّرَ إيجَابُ حُقُوقِ الْعَقْدِ عَلَى الْمَوْلَى تَعَلَّقَ بِمَنْ انْتَفَعَ بِهِ وَهُوَ الْآمِرُ فَهُوَ الَّذِي يَلِي التَّسْلِيمَ وَالتَّسَلُّمَ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّا لَوْ جَعَلْنَا حَقَّ قَبْضِ الثَّمَنِ إلَى الْمَوْلَى لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِقَبْضِهِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ فِي الدَّيْنِ الْوَاجِبِ عَلَى الْعَبْدِ لِلْأَجْنَبِيِّ الْمَوْلَى لَا يَكُونُ وَكِيلًا بِالْقَبْضِ وَلَا مَقْبُولَ الْإِقْرَارِ فِيهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَهُ أَجْنَبِيٌّ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مِنْهُ فَهُوَ كَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا.

وَإِنْ كَانَ الْمَأْذُونُ هُوَ الْوَكِيلَ لِلْأَجْنَبِيِّ بِبَيْعِ شَيْءٍ أَوْ شِرَائِهِ مِنْ مَوْلَاهُ جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْعَبْدِ فِي مَالِ مَوْلَاهُ وَكَانَتْ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ مَدْيُونًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَدْيُونٍ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْقَبْضِ جَازَ إقْرَارُهُ؛ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ وَكِيلًا لِلْأَجْنَبِيِّ فِي قَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ الْمَوْلَى وَيَصْلُحُ مُطَالِبًا لِلْمَوْلَى بِالثَّمَنِ إذَا بَاعَ مِنْهُ شَيْئًا مِنْ أَكْسَابِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِمُرَاعَاةِ حَقِّ غُرَمَائِهِ فَكَذَلِكَ لِمُرَاعَاةِ حَقِّ الْمُوَكِّلِ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَدْفَعْ الْآمِرُ إلَى الْعَبْدِ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ وَوَكَّلَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ مِنْ مَوْلَاهُ جَازَ شِرَاؤُهُ وَأَخَذَ الثَّمَنَ مِنْ الْآمِرِ وَدَفَعَهُ إلَى الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ فِي التَّوْكِيلِ بِالْمُعَامَلَةِ مَعَ الْمَوْلَى كَهُوَ فِي التَّوْكِيلِ بِالْمُعَامَلَةِ مَعَ أَجْنَبِيٍّ آخَرَ.

وَلَوْ دَفَعَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لِرَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَرَبِحَ فِيهِ أَوْ لَمْ يَرْبَحْ حَتَّى وَكَّلَ الْعَبْدُ أَوْ مَوْلَاهُ أَوْ بَعْضُ غُرَمَائِهِ أَجْنَبِيًّا بِبَيْعِ شَيْءٍ فَبَاعَهُ مِنْ الْمُضَارِبِ بِمَالٍ الْمُضَارَبَةِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ مُشْتَرٍ لِرَبِّ الْمَالِ وَرَبُّ الْمَالِ هُوَ الْعَبْدُ فَإِذَا كَانَ هُوَ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ فَكَأَنَّهُ يَبِيعُهُ مِنْ نَفْسِهِ فَكَذَلِكَ مَوْلَاهُ أَوْ غَرِيمُهُ يَكُونُ مُتَّهَمًا فِي الْبَيْعِ مِنْ مُضَارِبِهِ لِمَا لَهُ مِنْ الْحَقِّ فِي كَسْبِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ مِنْهُ جَازَ؛ لِأَنَّ التُّهْمَةَ قَدْ انْتَفَتْ بِقَبْضِ الْمُوَكَّلِ عَلَى الْبَيْعِ مِنْهُ وَلَكِنَّ الْعُهْدَةَ عَلَى الْآمِرِ؛ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَصْلُحُ وَكِيلًا فِي قَبْضِ مَا عَلَى مُضَارِبِهِ لِأَجْنَبِيٍّ، وَكَذَلِكَ مَوْلَاهُ وَغَرِيمُهُ وَأَصْلُهُ أَنَّ الْعَاقِدَ مَتَى لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِعُهْدَةِ الْعَقْدِ فَالْعُهْدَةُ تَكُونُ عَلَى الْآمِرِ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي التَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ مِنْهُ، وَكُلُّ مَنْ وَصَفْنَا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ وَكِيلًا فِي الْقَبْضِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ عَدْلًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوضَعَ الرَّهْنُ عَلَى يَدِهِ وَكُلُّ مَنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِي قَبْضِهِ جَازَ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِي وَضْعِ الرَّهْنِ عَلَى يَدِهِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ مَقْبُوضٌ لِلِاسْتِيفَاءِ فَيُعْتَبَرُ تَحْقِيقُهُ لِلِاسْتِيفَاءِ

[بَابُ بَيْعِ الْقَاضِي وَالْمَوْلَى الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ]

(قَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ -) وَإِذَا دَفَعَ الْغُرَمَاءُ الْمَأْذُونَ إلَى الْقَاضِي وَأَرَادُوا بَيْعَهُ فِي دُيُونِهِمْ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَتَأَنَّى فِي ذَلِكَ وَيَنْظُرُ هَلْ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ أَوْ غَائِبٌ يَرْجُو وُصُولَهُ؛ لِأَنَّ الْبَدَاءَةَ فِي قَضَاءِ دَيْنِ الْعَبْدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>