للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِصَاحِبِهِ وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ عَيْنِهِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْفَقِيرِ لَا يَحْصُلُ بِهِ؛ لِأَنَّ عَيْنَهُ غَيْرُ مَأْكُولِ اللَّحْمِ عِنْدَهُ. وَأَمَّا الْإِنَاثُ، قَالَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ الَّتِي ذَكَرَهَا الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهَا؛ لِأَنَّ مَعْنَى النَّمَاءِ فِيهَا مِنْ حَيْثُ النَّسْلُ، وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِالْإِنَاثِ الْمُفْرَدَاتِ وَفِي الْأُخْرَى قَالَ: يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَعَارَ لَهَا فَحْلٌ فَيَحْصُلَ النَّمَاءُ مِنْ حَيْثُ النَّسْلُ. وَأَمَّا فِي الذُّكُورِ الْمُنْفَرِدِينَ لَا شَيْءَ فِيهَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى النَّسْلِ لَا يَحْصُلُ بِهَا وَبِزِيَادَةِ السِّنِّ لَا تَزْدَادُ الْقِيمَةُ فِي الْخَيْلِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ وَمَعْنَى السِّمَنِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ؛ لِأَنَّ عَيْنَهُ غَيْرُ مَأْكُولٍ عِنْدَهُ فَلِهَذَا قَالَ لِانْعِدَامِ النَّمَاءِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهَا، وَفِي رِوَايَةِ الْآثَارِ جَعَلَ هَذَا قِيَاسَ سَائِرَ أَنْوَاعِ السَّائِمَةِ فَإِنَّ بِسَبَبِ السَّوْمِ تَخِفُّ الْمُؤْنَةُ عَلَى صَاحِبِهَا وَبِهِ يَصِيرُ مَالُ الزَّكَاةِ فَكَذَلِكَ فِي الْخَيْلِ

(قَالَ) وَلَيْسَ فِي الْحَمِيرِ وَالْبِغَالِ السَّائِمَةِ صَدَقَةٌ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ حِينَ سُئِلَ عَنْ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ لَمْ يَنْزِلْ عَلَيَّ فِيهَا إلَّا هَذِهِ الْآيَةُ الْجَامِعَةُ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧] {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: ٨]» وَلِأَنَّهَا لَا تُسَامُ فِي غَالِبِ الْبُلْدَانِ مَعَ كَثْرَةِ وُجُودِهَا، وَالنَّادِرُ لَا يُعْتَبَرُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ الْحُكْمُ الْعَامُّ الْغَالِبُ فَلِهَذَا لَا تَجِبُ فِيهَا زَكَاةُ السَّائِمَةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ]

(قَالَ) وَلَيْسَ فِي أَقَلِّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ زَكَاةٌ فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ قَالَ فِي الْوَرِقَةِ لَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ حَتَّى تَبْلُغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْ دِرْهَم فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ» وَحِينَ بَعَثَ مُعَاذًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَى الْيَمَنِ قَالَ: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ مِنْ الْوَرِقِ شَيْءٌ وَفِي مِائَتَيْنِ خَمْسَةٌ وَمَا زَادَ عَلَى الْمِائَتَيْنِ فَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ فَفِيهَا دِرْهَمٌ مَعَ الْخَمْسَةِ»، وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهَكَذَا فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ يَجِبُ فِي الزِّيَادَةِ بِحِسَابِ ذَلِكَ قَلَّ أَوْ كَثُرَ حَتَّى إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ دِرْهَمًا فَفِيهَا جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ طَاوُسٍ الْيَمَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجِبُ فِي الزِّيَادَةِ شَيْءٌ حَتَّى تَبْلُغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَيَجِبُ فِي كُلِّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَمَا زَادَ

<<  <  ج: ص:  >  >>