عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ هَذَا الشُّرُوعُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ قَصَدَ الْإِسْقَاطَ لَا الِالْتِزَامَ. أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ شَرَعَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ تَكَلَّمَ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا مَا يَلْزَمُهُ قَبْلَ الشُّرُوعِ وَهُوَ أَدَاءُ الظُّهْرِ فَكَذَلِكَ هُنَا. يُوَضِّحُهُ أَنَّا لَوْ أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ الْقَضَاءَ فَإِمَّا أَنْ يَقْضِيَ مَعَ التَّكْبِيرَاتِ أَوْ بِدُونِ التَّكْبِيرَاتِ وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْضِيَ مَعَ التَّكْبِيرَاتِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ إلَّا فِي صَلَاةِ الْعِيدِ، وَالْمُنْفَرِدُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَدَاءِ صَلَاةِ الْعِيدِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْضِيَهُ بِدُونِ التَّكْبِيرَاتِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِصِفَةِ الْأَدَاءِ، وَرَدُّوا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ إلَى الْخِلَافِ الَّذِي بَيَّنَّا فِي كِتَابِ الصَّوْمِ أَنَّ مَنْ شَرَعَ فِي صَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ ثُمَّ أَفْسَدَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَضَاءُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ يَوْمٍ آخَرَ وَهَذَا فِي الْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ بِغَيْرِ صِفَةِ الْأَدَاءِ وَلَا يُمْكِنُ إيجَابُ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِصِفَةِ الْأَدَاءِ وَهُمَا يَعْتَبِرَانِ الْأَصْلَ لِإِيجَادِ الْقَضَاءِ بِدُونِ الصِّفَةِ فَكَذَلِكَ هُنَا ثُمَّ ذَكَرَ بَابَ التَّكْبِيرِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ مِنْ الْمَسَائِلِ إلَّا مَا بَيَّنَّا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ
وَذَكَرَ بَابَ صَلَاةِ الْخَوْفِ أَيْضًا وَمَسَائِلَهُ عَيْنَ مَا بَيَّنَّا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّهُ نَصَّ هُنَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّهُ لَا تَجُوزُ صَلَاةُ الْخَوْفِ بِصِفَةِ الذَّهَابِ وَالْمَجِيءِ الْيَوْمَ، إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصَّةً، وَهَذَا الْقَوْلُ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وَقَدْ بَيَّنَّا الْمَسْأَلَةَ هُنَاكَ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ رَعَفَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَقَدَّمَ رَجُلًا مِنْ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي بَقِيَّةَ صَلَاةِ الْإِمَامِ ثُمَّ يَنْفَتِلُ هُوَ وَمَنْ خَلْفَهُ فَيَقُومُونَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَهَذَا لَا يَشْكُلُ فِي حَقِّ الْقَوْمِ؛ لِأَنَّهُمْ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَأَوَانُ انْصِرَافِهِمْ مِنْ الصَّلَاةِ إلَى الْعَدُوِّ عِنْدَ تَمَامِ صَلَاةِ الْإِمَامِ، فَأَمَّا فِي حَقِّهِ فَنَقُولُ هُوَ خَلِيفَةُ الْإِمَامِ فِي إتْمَامِ بَقِيَّةِ صَلَاتِهِ وَقَدْ فَعَلَ فَفِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ فَلِهَذَا يَنْصَرِفُ مَعَ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ يَعُودُ مَعَهُمْ لِإِتْمَامِ صَلَاتِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
[بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]
(بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ) (قَالَ) وَلَوْ أَنَّ مَرِيضًا يُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ، فَأَمَّ قَوْمًا يُومِئُونَ وَقَوْمًا يَسْجُدُونَ فَإِنَّهُ تَجُوزُ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَنْ هُوَ فِي مِثْلِ حَالِهِ وَلَا تَجُوزُ صَلَاةُ مَنْ يَسْجُدُ إلَّا عَلَى قَوْلِ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ أَنَّ الْمُقْتَدِيَ يَبْنِي صَلَاتَهُ عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ وَيَجُوزُ بِنَاءُ الضَّعِيفِ عَلَى الضَّعِيفِ وَلَا يَجُوزُ بِنَاءُ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ هُنَا فَقَالَ إذَا كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute