لِلسَّابِي وَطْؤُهَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَبَوَاهَا أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَإِنْ أَسْلَمَ أَبَوَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا فَقَدْ صَارَ الصَّبِيُّ مُسْلِمًا تَبَعًا لِمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يَتْبَعُ خَيْرَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا لِأَنَّهُ يَقْرَبُ مِنْ التَّابِعِ فَإِذَا مَاتَ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَإِنْ خَرَجَ وَلَيْسَ مَعَهُ أَبَوَاهُ أَوْ أَحَدٌ مِنْ الْأَبَوَيْنِ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَعْقِلَ الْإِسْلَامَ صَلَّى عَلَيْهِ لِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَبَوَيْنِ انْقَطَعَتْ بِتَبَايُنِ الدَّارِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا فَيَظْهَرُ تَبَعِيَّةُ الدَّارِ وَيَصِيرُ مَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلدَّارِ كَاللَّقِيطِ فَإِذَا مَاتَ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَإِنْ خَرَجَ الْأَبُ مِنْ نَاحِيَةٍ وَالِابْنُ مِنْ نَاحِيَةٍ مَعًا فَمَاتَ الصَّبِيُّ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَا حَصَلَ فِي دَارِنَا إلَّا وَلَهُ أَبٌ كَافِرٌ فَيَكُونُ تَبَعًا لَهُ دُونَ الدَّارِ وَكَذَلِكَ إنْ خَرَجَ الْأَبُ أَوَّلًا ثُمَّ الصَّبِيُّ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَجَ الصَّبِيُّ أَوَّلًا ثُمَّ الْأَبُ فَإِنَّهُ حِينَ خَرَجَ أَوَّلًا حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلدَّارِ فَلَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ خَرَجَ أَبَوَاهُ.
(فَإِنْ قِيلَ): إذَا خَرَجَ مَعَهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ فَاعْتِبَارُ جَانِبِ الْأَبِ يُوجِبُ كُفْرَهُ وَاعْتِبَارُ جَانِبِ الدَّارِ يُوجِبُ إسْلَامَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُرَجَّحَ الْمُوجِبُ لِإِسْلَامِهِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَتْ أُمُّهُ قُلْنَا: الِاشْتِغَالُ بِالتَّرْجِيحِ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ وَذَلِكَ فِي حَقِّ الْأَبَوَيْنِ فَأَمَّا الدَّارُ خَلَفٌ عَنْ الْأَبَوَيْنِ فِي حَقِّهِ كَمَا بَيَّنَّا وَلَا يَظْهَرُ الْخُلْفُ فِي حَالِ بَقَاءِ الْأَصْلِ فَلَا مَعْنَى لِلِاشْتِغَالِ بِالتَّرْجِيحِ وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ أَبُوهُ كَافِرًا فِي دَارِنَا لِأَنَّ بِمَوْتِهِ لَا يَنْقَطِعُ حُكْمُ التَّبَعِيَّةِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ أَوْلَادَ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِمْ وَإِنْ مَاتَتْ آبَاؤُهُمْ وَفِي هَذَا نَوْعُ إشْكَالٍ فَإِنَّ مَنْ فِي دَارِ الْحَرْبِ فِي حَقِّ مَنْ هُوَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ كَالْمَيِّتِ ثُمَّ جَعَلْنَا الْوَلَدَ تَبَعًا لِلدَّارِ إذَا بَقِيَ أَبَوَاهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَا نَجْمُلُهُ تَبَعًا لِلدَّارِ إذَا مَاتَ أَبَوَاهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَكِنْ نَقُولُ: الْمَوْتُ لَا يَقْطَعُ الْعِصْمَةَ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا يَبْقَى حِلُّ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ فِي حَقِّ الْغُسْلِ وَتَبَايُنُ الدَّارَيْنِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا يُنَافِي الْعِصْمَةَ وَالتَّبَعِيَّةَ فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ يَفْتَرِقَانِ.
[بَيْعِ السَّبْيِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ]
وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ السَّبْيِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ مَا لَمْ يُسْلِمُوا لِأَنَّهُمْ صَارُوا مِنْ أَهْلِ دَارِنَا وَلَكِنَّهُمْ كُفَّارٌ فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهِمْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ الْإِمَامُ ذَلِكَ وَلَكِنْ يَبِيعَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِيُسْلِمُوا عَسَى وَيُكْرَهُ بَيْعُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ لِأَنَّهُمْ صَارُوا مِنْ أَهْلِ دَارِنَا فَلَا يُبَاعُونَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ لِيُعِيدُوهُمْ إلَى دَارِ الْحَرْبِ فَيَتَقَوَّوْا بِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَمَنْ صَارَ مَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِ مِنْ صِغَارِهِمْ يُكْرَهُ بَيْعُهُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْعَبِيدِ الْمُسْلِمِينَ.
وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَ الرِّجَالَ مِنْ الْأَسَارَى وَلَهُ أَنْ يَسْتَبْقِيَهُمْ وَيُقَسِّمَهُمْ بَيْنَ الْجُنْدِ يَنْظُرُ أَيُّ ذَلِكَ خَيْرًا لِلْمُسْلِمِينَ فَعَلَهُ «لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتَلَ سَبْيَ بَنِي قُرَيْظَةَ وَقَسَّمَ سَبَايَا أَوْطَاسٍ» فَعَرَفْنَا أَنَّ كُلَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute