للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ قَتَلَتْهُ قَبْلَ الطَّلَاقِ لَمْ تَرِثْهُ لِلْأَثَرِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: «لَا مِيرَاثَ لِلْقَاتِلِ» بَعْدَ صَاحِبِ الْبَقَرَةِ، وَالْمُقْعَدُ، وَالْمَرِيضُ، وَالْمَفْلُوجُ مَادَامَ يَزْدَادُ مَا بِهِ فَهُوَ كَالْمَرِيضِ، وَإِنْ صَارَ قَدِيمًا لَا يَزْدَادُ، كَانَ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحِ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَادَامَ يَزْدَادُ عِلَّتُهُ فَالْغَالِبُ أَنَّ آخِرَهُ الْمَوْتُ، وَإِذَا صَارَ بِحَيْثُ لَا يَزْدَادُ، فَلَا يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحِ وَصَاحِبُ جُرْحٍ، أَوْ قُرْحَةٍ، أَوْ وَجَعٍ لَمْ يُصَيِّرْهُ عَلَى الْفِرَاشِ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحِ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ.

وَحَدُّ الْمَرَضِ الَّذِي يَكُون بِهِ فَارًّا أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ فِرَاشٍ قَدْ أَضْنَاهُ الْمَرَضُ، فَأَمَّا الَّذِي يَجِيءُ وَيَذْهَبُ فِي حَوَائِجِهِ، فَلَا يَكُونُ فَارًّا، وَإِنْ كَانَ يَشْتَكِي وَيُحَمُّ، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ فِي الْعَادَةِ قَلَّ مَا يَخْلُو عَنْ نَوْعِ مَرَضٍ فِي بَاطِنِهِ، وَلَا يُجْعَلُ بِذَلِكَ فِي حُكْمِ الْمَرِيضِ، بَلْ الْمَرِيضُ إنَّمَا يُفَارِقُ الصَّحِيحَ فِي أَنَّ الصَّحِيحَ يَكُونُ فِي السُّوقِ، وَيَقُومُ بِحَوَائِجِهِ، وَالْمَرِيضُ يَكُونُ صَاحِبَ فِرَاشٍ فِي بَيْتِهِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ مَا لَا يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَى حَقِيقَتِهِ يُعْتَبَرُ فِيهِ السَّبَبُ الظَّاهِرُ، وَيُقَامُ ذَلِكَ مَقَامَ الْمَعْنَى الْخَفِيِّ تَيْسِيرًا، وَقَدْ تَكَلَّفَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَقَالَ: إذَا كَانَ بِحَالٍ يَخْطُو ثَلَاثَ خُطُوَاتٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَعِينَ بِأَحَدٍ فَهُوَ فِي حُكْمِ الصَّحِيحِ فِي التَّصَرُّفَاتِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ فَالْمَرِيضُ جِدًّا لَا يَعْجَزَ عَنْ هَذَا الْقَدْرِ إذَا تَكَلَّفَ فَكَانَ الْمُعْتَبَرُ مَا قُلْنَا، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ فِرَاشٍ.

وَمَنْ قُرِّبَ؛ لِيُقْتَلَ فَطَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ خُلِّيَ سَبِيلُهُ، أَوْ حُبِسَ، ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَرِيضِ إذَا صَحَّ بَعْدَ مَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا كُلَّهُ، فَكَذَلِكَ فِي هَذَا الْفَصْلِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ، وَالْمَآبُ.

[بَابُ الْوَلَدِ عِنْدَ مَنْ يَكُونُ فِي الْفُرْقَةِ]

(قَالَ): - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِذَا اخْتَلَعَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى أَنْ تَتْرُكَ وَلَدَهَا عِنْدَ الزَّوْجِ، فَالْخُلْعُ جَائِزٌ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ إنَّمَا تَكُونُ أَحَقَّ بِالْوَلَدِ لِحَقِّ الْوَلَدِ، فَإِنَّ كَوْنَ الْوَلَدِ عِنْدَهَا أَنْفَعُ لَهُ؛ وَلِهَذَا لَوْ تَزَوَّجَتْ، أَوْ كَانَتْ أَمَةً، وَالْوَلَدُ حُرٌّ لَمْ تَكُنْ أَحَقَّ بِالْحَضَانَةِ؛ لِأَنَّهَا مَشْغُولَةٌ بِخِدْمَةِ زَوْجِهَا، أَوْ مَوْلَاهَا، فَلَا مَنْفَعَةَ لِلْوَلَدِ فِي كَوْنِهِ عِنْدَهَا، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ هَذَا مِنْ حَقِّ الْوَلَدِ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُبْطِلَهُ بِالشَّرْطِ.

(قَالَ): وَإِذَا أَرَادَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَخْرُجَ بِوَلَدِهَا مِنْ مِصْرٍ إلَى مِصْرٍ فَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا قَائِمًا، فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ إلَّا بِإِذْنِهِ مَعَ الْوَلَدِ وَبِغَيْرِ الْوَلَدِ، فَإِنْ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَإِنْ كَانَ أَصْلُ النِّكَاحِ فِي الْمِصْرِ الَّذِي هِيَ فِيهِ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ

<<  <  ج: ص:  >  >>