للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ الْأَلْفَ الْأُولَى حِينَ هَلَكَتْ فَقَدْ لَحِقَ رَبَّ الْمَالِ فِي الْمُضَارَبَةِ أَلْفُ دِرْهَمٍ: دَيْنٌ، وَصَارَتْ الْمُضَارَبَةُ لَا رِبْحَ فِيهَا، فَلَمْ يَبْقَ عَلَى الْمُضَارِبِ إلَّا حِصَّتُهُ مِنْ الدَّيْنِ وَرِبْحُهَا، فَأَمَّا حِصَّةُ الْمُضَارِبِ مِنْ الرِّبْحِ وَذَلِكَ: ثَلَاثَةٌ وَثَمَانُونَ وَثُلُثٌ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَيَتَحَوَّلُ غُرْمُ ذَلِكَ إلَى رَبِّ الْمَالِ مَعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ خَمْسَةِ آلَافٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَوَاحِدٍ وَأَرْبَعِينَ وَثُلُثَيْنِ، فَيَكُونُ جَمِيعُ مَا عَلَيْهِ خَمْسَةَ آلَافٍ وَسِتَّمِائَةٍ وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْمُضَارَبَةِ]

(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -): وَإِذَا أَقَرَّ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ بِسُدُسِ الرِّبْحِ، وَقَالَ الْمُضَارِبُ: لِي نِصْفُ الرِّبْحِ، وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ شَرَطَ لَهُ ثُلُثَ الرِّبْحِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ شَرَطَ لَهُ نِصْفَ الرِّبْحِ: فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ يَشْتَرِطُ الْمُوَافَقَةَ بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ لَفْظًا، وَلَمْ يُوجَدْ، وَالثُّلُثُ غَيْرُ النِّصْفِ، وَإِذَا بَطَلَتْ الشَّهَادَةُ كَانَ لِلْمُضَارِبِ مَا أَقَرَّ بِهِ رَبُّ الْمَالِ وَهُوَ السُّدُسُ، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ الشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ عَلَى ثُلُثِ الرِّبْحِ لِلْمُضَارِبِ؛ لِأَنَّهُمَا يَعْتَبِرَانِ الْمُوَافَقَةَ بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ مَعْنًى، وَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى مِقْدَارِ الثُّلُثِ، فَالشَّاهِدُ بِالنِّصْفِ شَاهِدٌ بِالثُّلُثِ وَزِيَادَةٍ فَيَقْضِي الْقَاضِي لَهُ بِثُلُثِ الرِّبْحِ، وَيَبْطُلُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إلَى تَمَامِ النِّصْفِ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ بِهِ وَاحِدٌ.

وَلَوْ كَانَ ادَّعَى الْمُضَارِبُ نِصْفَ الرِّبْحِ فَشَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ عَلَى نِصْفِ الرِّبْحِ، وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ آخَرُ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ شَرَطَ لَهُ ثُلُثَيْ الرِّبْحِ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ يُكَذِّبُ أَحَدَ شَاهِدَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي شَهِدَ لَهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَاهُ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَهُنَاكَ الْمُضَارِبُ يَدَّعِي الْأَكْثَرَ، فَلَا يَكُونُ مُكَذِّبًا أَحَدَ شَاهِدَيْهِ.

وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ: دَفَعْتُهُ إلَيْك بِضَاعَةً، وَادَّعَى الْمُضَارِبُ أَنَّهُ شَرَطَ لَهُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ مِنْ الرِّبْحِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ يَدَّعِي عَلَيْهِ أَجْرَ الْمِثْلِ فِي ذِمَّتِهِ، وَرَبُّ الْمَالِ يُنْكِرُ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ أَقَامَ الْمُضَارِبُ شَاهِدَيْنِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ شَرَطَ لَهُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ شَرَطَ لَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ، فَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الرِّبْحُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَلَا شَيْءَ لِلْمُضَارِبِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ مِنْ أَجْرٍ وَلَا غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ اخْتَلَفَا فِي الْمَشْهُودِ بِهِ لَفْظًا؛ فَتَبْطُلُ الشَّهَادَةُ أَصْلًا، وَعِنْدَهُمَا لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى شَرْطِ الْمِائَةِ مَعْنًى؛ فَيُوجِبُ قَبُولُ شَهَادَتِهِمَا عَلَى ذَلِكَ فَكَانَ لِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِهِ لِفَسَادِ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ. وَلَوْ ادَّعَى الْمُضَارِبُ أَنَّهُ شَرَطَ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ، وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ بِهَا، وَشَاهِدٌ بِمِائَةٍ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ عِنْدَهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>