فَقَدْ صَارَ رَافِضًا لِمَا زَادَ مُؤَدِّيًا لِلْفَرْضِ فَتَجُوزُ صَلَاتُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ قَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ، وَقَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ وَرَكَعَ وَسَجَدَ ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ فَقَدْ اسْتَحْكَمَ خُرُوجُهُ مِنْ الْفَرْضِ بِتَقْيِيدِ الرَّكْعَةِ بِالسَّجْدَةِ فَلَا يَتَغَيَّرُ فَرْضُهُ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ وَلَكِنَّهُ مُتَنَفِّلٌ بِرَكْعَةٍ فَيُضِيفُ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى لِيَكُونَ شَفْعًا، وَإِنْ كَانَ رَكَعَ، وَلَمْ يَسْجُدْ حَتَّى نَوَى الْإِقَامَةَ فَإِنَّهُ يُعِيدُ الرُّكُوعَ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ تَغَيَّرَ بِهَذِهِ النِّيَّةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا يَسْتَحْكِمُ خُرُوجُهُ مِنْ الْفَرْضِ مَا لَمْ يُقَيِّدْ الرَّكْعَةَ بِالسَّجْدَةِ فَعَلَيْهِ إعَادَةُ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ؛ لِأَنَّ مَا أُدِّيَ كَانَ نَافِلَةً، وَالْقِيَامُ وَالرُّكُوعُ فَرْضٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَفِي الْكِتَابِ ذَكَرَ إعَادَةَ الرُّكُوعِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرْكَعُ عَنْ قِيَامٍ، وَفَرْضُ الْقِيَامِ إنَّمَا يَتَأَدَّى بِأَدْنَى مَا يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ لِتَرْكِ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ فِي الْفَرِيضَةِ وَأَدَاءِ النَّافِلَةِ قَبْلَ إكْمَالِ الْفَرِيضَةِ فَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ حَتَّى قَامَ سَاهِيًا ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ فَإِنَّهُ يَمْضِي عَلَى قِيَامِهِ، وَلَا يَعُودُ إلَى الْقَعْدَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُقِيمًا فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ، وَالْمُقِيمُ بَعْدَمَا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ سَاهِيًا لَا يَعُودُ إلَى الْقَعْدَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْعَوْدِ مِنْ الْفَرْضِ إلَى السُّنَّةِ، فَإِنْ كَانَ عَادَ إلَى الْقَعْدَةِ قَبْلَ أَنْ يَنْوِيَ الْإِقَامَةَ ثُمَّ نَوَاهَا قَبْلَ إتْمَامِ التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ التَّشَهُّدَ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ الْعَوْدُ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا تَغَيَّرَ فَرْضُهُ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ، وَهُوَ قَاعِدٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ التَّشَهُّدَ ثُمَّ يَقُومُ لِإِتْمَامِ صَلَاتِهِ
[اقْتِدَاءُ الْمُسَافِرِ بِالْمُقِيمِ فِي الصَّلَاةِ]
مُسَافِرٌ اقْتَدَى بِمُقِيمٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ مُتَابَعَةَ الْإِمَامِ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ فَإِنْ تَكَلَّمَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مُسَافِرٌ عَلَى حَالِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ لِأَجْلِ الْمُتَابَعَةِ، وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ حِينَ تَكَلَّمَ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَدَى بِهِ بِنِيَّةِ النَّفْلِ ثُمَّ تَكَلَّمَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ بِالشُّرُوعِ يَكُونُ مُلْتَزِمًا صَلَاةَ الْإِمَامِ، وَصَلَاةُ الْإِمَامِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، وَهُنَا بِالشُّرُوعِ مَا قَصَدَ الْتِزَامَ شَيْءٍ وَإِنَّمَا قَصَدَ إسْقَاطَ الْفَرْضِ عَنْ ذِمَّتِهِ وَتَغَيَّرَ فَرْضُهُ حُكْمًا لِلْمُتَابَعَةِ فَإِذَا انْعَدَمَتْ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ فِي صَلَاتِهِ أَصْلًا.
وَلَوْ نَامَ هَذَا الْمُسَافِرُ خَلْفَ الْمُقِيمِ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا؛ لِأَنَّهُ لَاحِقٌ وَاللَّاحِقُ فِي حُكْمِ الْمُقْتَدِي فَإِنْ تَكَلَّمَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَكَذَلِكَ إنْ نَوَى الْإِقَامَةَ بَعْدَمَا تَكَلَّمَ؛ لِأَنَّهُ بِالْكَلَامِ يَخْرُجُ عَنْ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ فَتَبْقَى نِيَّةُ الْإِقَامَةِ مِنْهُ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، وَذَلِكَ لَا يُغَيِّرُ فَرْضَهُ، فَإِنْ قِيلَ هَذَا إذَا كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ رَكْعَتَيْنِ وَهُنَا الْوَاجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ قُلْنَا: نَعَمْ وَلَكِنْ وُجُوبُ الْأَرْبَعِ عَلَيْهِ عِنْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ كَانَ مِنْ الْمُتَابَعَةِ، وَقَدْ انْعَدَمَ ذَلِكَ حِينَ تَكَلَّمَ فَكَانَ هَذَا وَمَا لَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute