[بَابُ السَّهْوِ] [رَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا فَنَسِيَ أَنْ يَتَشَهَّدَ حَتَّى قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ]
قَالَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا فَنَسِيَ أَنْ يَتَشَهَّدَ حَتَّى قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ فَعَلَى الْقَوْمِ أَنْ يَقُومُوا مَعَهُ؛ لِأَنَّهُمْ تَبَعٌ لَهُ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ مِنْ الثَّانِيَةِ إلَى الثَّالِثَةِ وَلَمْ يَقْعُدْ فَسَبَّحُوا بِهِ فَسَبَّحَ بِهِمْ حَتَّى قَامُوا»، وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ تَشَهَّدَ فَنَسِيَ بَعْضُ مَنْ خَلْفَهُ التَّشَهُّدَ حَتَّى قَامُوا جَمِيعًا فَعَلَى مَنْ لَمْ يَتَشَهَّدْ أَنْ يَعُودَ فَيَتَشَهَّدَ ثُمَّ يَتْبَعَ إمَامَهُ، وَإِنْ خَافَ أَنْ تَفُوتَهُ الرَّكْعَةُ الثَّالِثَةُ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِإِمَامِهِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَتَشَهَّدَ بِطَرِيقِ الْمُتَابَعَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ؛ لِأَنَّ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ فِي حَقِّهِ سُنَّةٌ وَبَعْدَمَا اشْتَغَلَ بِفَرْضِ الْقِيَامِ لَا يَعُودُ إلَى السُّنَّةِ، وَهُنَا التَّشَهُّدُ فَرْضٌ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْمُتَابَعَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي السُّجُودِ فَلَمْ يَسْجُدْ مَعَهُ السَّجْدَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَقْضِي السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ مَا لَمْ يَخَفْ فَوْتَ رَكْعَةٍ أُخْرَى فَإِنْ خَافَ فَوْتَ ذَلِكَ تَرَكَهَا؛ لِأَنَّ هُنَاكَ هُوَ يَقْضِي تِلْكَ الرَّكْعَةَ بِسَجْدَتَيْهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَشْتَغِلَ بِإِحْرَازِ الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى إذَا خَافَ فَوْتَهَا وَهُنَا لَا يَقْضِي هَذَا التَّشَهُّدَ بَعْدَ هَذَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ ثُمَّ يَتْبَعُ إمَامَهُ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي نَامَ خَلْفَ الْإِمَامِ إذَا انْتَبَهَ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِمَا يَأْتِي الْإِمَامُ، وَإِنْ سَهَا هَذَا الْمُقْتَدِي فِي الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ عَنْ التَّشَهُّدِ حِينَ سَلَّمَ الْإِمَامُ ثُمَّ قَهْقَهَ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ لِصَلَاةٍ أُخْرَى وَمُرَادُهُ أَنَّهُ سَهَا عَنْ قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ لَا عَنْ الْقَعْدَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْعُدْ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ ثُمَّ قَهْقَهَ هُوَ فَعَلَيْهِ اسْتِقْبَالُ الصَّلَاةِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْقَعْدَةَ الْأَخِيرَةَ رُكْنٌ فَتَرْكُهَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ فَأَمَّا قِرَاءَةُ التَّشَهُّدِ وَاجِبٌ فَهُوَ لَا يَصِيرُ خَارِجًا بِسَلَامِ الْإِمَامِ إذَا بَقِيَ عَلَيْهِ وَاجِبٌ فَضِحْكُهُ يَكُونُ مُصَادِفًا حُرْمَةَ الصَّلَاةِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ لِصَلَاةٍ أُخْرَى لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ اسْتِقْبَالُ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْوَاجِبِ لَا يُفْسِدُ صَلَاتَهُ
وَلَوْ أَنَّ إمَامًا سَلَّمَ نَاسِيًا وَعَلَيْهِ سَجْدَةٌ صُلْبِيَّةٌ ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ رَجُلٌ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ بِسَلَامِ السَّهْوِ لَمْ يَصِرْ خَارِجًا مِنْ الصَّلَاةِ فَإِنْ ذَهَبَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَسْجُدْ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي كَمَا فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ، وَإِنْ سَجَدَ الْإِمَامُ سَجَدَ الرَّجُلُ مَعَهُ ثُمَّ قَامَ إلَى قَضَاءِ مَا سَبَقَهُ بِهِ فَإِنْ قَيَّدَ الرَّكْعَةَ بِالسَّجْدَةِ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ الْإِمَامُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ إلَى مُتَابَعَتِهِ بَعْدَ أَنْ صَلَّى رَكْعَةً كَامِلَةً فَقَدْ انْفَرَدَ فِي مَوْضِعٍ كَانَ عَلَيْهِ الِاقْتِدَاءُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَتْ السَّجْدَةُ الَّتِي تَرَكَهَا الْإِمَامُ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ، وَقَدْ قَيَّدَ هَذَا الرَّجُلُ رَكْعَتَهُ بِالسَّجْدَةِ قَبْلَ أَنْ يَعُودَ الْإِمَامُ إلَيْهَا فَفِي رِوَايَةِ هَذَا الْكِتَابِ قَالَ: صَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَلَا يَعُودُ إلَى مُتَابَعَتِهِ، وَفِي رِوَايَةِ كِتَابِ الصَّلَاةِ يَقُولُ: صَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ وَجْهُ تِلْكَ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْعَوْدَةَ إلَى سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ يَنْقُضُ الْقَعْدَةَ كَالْعَوْدِ إلَى السَّجْدَةِ الصُّلْبِيَّةِ فَكَانَ هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute