الْمَسْبُوقُ قَيَّدَ رَكْعَتَهُ بِالسَّجْدَةِ قَبْلَ قُعُودِ الْإِمَامِ، وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِصَلَاتِهِ، وَجْهُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ انْفَرَدَ فِي مَوْضِعٍ لَوْ تَكَلَّمَ فِيهِ إمَامُهُ كَانَتْ صَلَاتُهُ تَامَّةً فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مُفْسِدًا لِصَلَاتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ السَّجْدَةُ الَّتِي تَذَكَّرَهَا سَجْدَةً صُلْبِيَّةً، وَهَذَا؛ لِأَنَّ انْتِقَاضَ الْقَعْدَةِ فِي حَقِّ الْإِمَامِ إنَّمَا كَانَ بِالْعَوْدِ إلَى سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ، وَقَدْ صَارَ هَذَا الْمُقْتَدِي خَارِجًا عَنْ مُتَابَعَتِهِ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ كَالْإِمَامِ إذَا ارْتَدَّ بَعْدَ السَّلَامِ حَتَّى بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاةُ الْقَوْمِ.
وَلَوْ صَلَّى بِقَوْمٍ الظُّهْرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ رَاحَ الْإِمَامُ إلَى الْجُمُعَةِ فَأَدْرَكَهَا انْقَلَبَ مَا أَدَّى نَفْلًا فِي حَقِّهِ وَبَقِيَ فَرْضًا فِي حَقِّ الْقَوْمِ عَلَى مَا كَانَ، وَإِنْ تَذَكَّرَ الْإِمَامُ سُجُودَ السَّهْوِ وَاقْتَدَى بِهِ هَذَا الرَّجُلُ قَبْلَ أَنْ يَعُودَ إلَيْهَا فَفِي صِحَّةِ اقْتِدَائِهِ خِلَافٌ مَعْرُوفٌ بَيَّنَّاهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ اقْتَدَى بِهِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ ثُمَّ قَامَ وَقَيَّدَ رَكْعَتَهُ بِالسَّجْدَةِ قَبْلَ أَنْ يَعُودَ الْإِمَامُ إلَى سَجْدَةِ السَّهْوِ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَلَمْ يَعُدْ إلَى مُتَابَعَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَوْدَ الْإِمَامِ إلَى السَّهْوِ يَرْفَعُ السَّلَامَ وَلَا يَنْقُضُ الْقَعْدَةَ.
وَلَوْ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْ صُلْبِ الصَّلَاةِ وَسَجْدَةً مِنْ تِلَاوَتِهِ حَتَّى سَلَّمَ فَإِنْ كَانَ نَاسِيًا لَهُمَا لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ سَاهِيًا، وَذَلِكَ غَيْرُ مُفْسِدٍ لِصَلَاتِهِ فَيَعُودُ، وَيَسْجُدُ السَّجْدَةَ الصُّلْبِيَّةَ ثُمَّ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ، وَإِنْ كَانَ ذَاكِرًا لِإِحْدَاهُمَا فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ أَمَّا إذَا كَانَ ذَاكِرًا لِلصُّلْبِيَّةِ فَسَلَامُهُ قَطْعٌ لِلصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ تَعَمَّدَ السَّلَامَ وَعَلَيْهِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ، وَإِنْ كَانَ ذَاكِرًا لِلتِّلَاوَةِ نَاسِيًا لِلصُّلْبِيَّةِ فَكَذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّ صَلَاتَهُ لَا تَفْسُدُ هَهُنَا حِينَ سَلَّمَ فَهُوَ غَيْرُ ذَاكِرٍ لِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ رُكْنِ الصَّلَاةِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَقُولُ سَلَامُهُ هَذَا قَطْعٌ لِصَلَاتِهِ لِأَنَّهُ سَلَّمَ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِوَاجِبٍ مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ مَحَلُّهُ قَبْلَ السَّلَامِ فَيَكُونُ سَلَامُهُ قَطْعًا لَا نِهَايَةً وَبَعْدَ قَطْعِ الصَّلَاةِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهَا، يُوَضِّحُهُ أَنَّهُ لَوْ نَسِيَ فَأَتَى بِالصُّلْبِيَّةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَأْتِيَ بِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ أَيْضًا، وَقَدْ كَانَ ذَاكِرًا لَهَا حِينَ سَلَّمَ فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا، وَعَلَى هَذَا أَيْضًا لَوْ سَلَّمَ، وَعَلَيْهِ سَجْدَةٌ صُلْبِيَّةٌ وَقِرَاءَةُ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، وَهُوَ ذَاكِرٌ لَهُمَا أَوْ لِإِحْدَاهُمَا فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ فَلَوْ سَلَّمَ وَعَلَيْهِ سَجْدَةُ تِلَاوَةٍ وَقِرَاءَةُ التَّشَهُّدِ، وَهُوَ ذَاكِرٌ لَهُمَا أَوْ لِإِحْدَاهُمَا كَانَ سَلَامُهُ قَاطِعًا أَيْضًا حَتَّى لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِمَا، وَلَكِنْ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَرْكَانِهَا.
فَإِنْ سَهَا الْإِمَامُ فِي صَلَاتِهِ فَسَجَدَ لِلسَّهْوِ ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ رَجُلٌ فِي الْقَعْدَةِ الَّتِي بَعْدَهَا صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ بَعْدُ، وَلَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ سُجُودُ السَّهْوِ فِيمَا يَقْضِي؛ لِأَنَّهُ مَا سَهَا، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِيمَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute