للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرْضِ غَيْرِهِ فِي ذَلِكَ الْجُزْءِ بِسَبَبٍ فَاسِدٍ

وَلَوْ اشْتَرَطَا أَنَّ ثُلُثَ الْبَذْرِ عَلَى الدَّافِعِ وَثُلُثَيْهِ عَلَى الْعَامِلِ وَالْخَارِجَ نِصْفَانِ فَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: ازْرَعْ بِبَذْرِك نَصِيبَك عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ كُلَّهُ لَك، وَازْرَعْ نَصِيبِي بِبَذْرِي وَبَذْرِك عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ كُلَّهُ لِي، وَهَذِهِ مَطْعُونَةُ عِيسَى - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْعَقْدُ فِيهَا فَاسِدٌ عَلَى رِوَايَةِ الْكِتَابِ، لِأَنَّ فِي الْجُزْءِ الْمَشْرُوطِ عَلَى الْعَامِلِ مِنْ الْبَذْرِ اسْتِئْجَارَ الْأَرْضِ بِجَمِيعِ مَا تُخْرِجُهُ وَذَلِكَ فَاسِدٌ فَيَكُونُ لِلْعَامِلِ ثُلُثَا الرِّيعِ، وَعَلَيْهِ سُدُسُ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ رَبَّى زَرْعَهُ فِي ثُلُثِ نَصِيبِ صَاحِبِهِ، وَذَلِكَ سُدُسُ الْأَرْضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ فَيَلْزَمُهُ أَجْرُ مِثْلِ ذَلِكَ، وَيَطِيبُ لَهُ نِصْفُ الرِّيعِ وَيَرْفَعُ مِنْ السُّدُسِ الْبَاقِي رُبُعَ نَصِيبِهِ مِنْ الْبَذْرِ وَمَا غَرِمَ مِنْ الْأَجْرِ، وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ، وَثُلُثُ الرِّيعِ طُيِّبَ لِلدَّافِعِ؛ لِأَنَّهُ رَبَّاهُ فِي أَرْضِ نَفْسِهِ

وَلَوْ اشْتَرَطَا الْبَقَرَ عَلَى الدَّافِعِ، وَالْبَذْرَ عَلَى الْعَامِلِ وَالْخَارِجُ نِصْفَانِ فَهَذَا فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: ازْرَعْ نَصِيبَك بِبَذْرِك وَبَقَرِي عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ كُلَّهُ لَك، وَازْرَعْ نَصِيبِي بِبَذْرِي وَبَذْرِك عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ كُلَّهُ لِي وَهَذَا فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: مَا بَيَّنَّا، وَالثَّانِي: أَنَّهُ جَعَلَ لَهُ بِإِزَاءِ عَمَلِهِ فِي نَصِيبِهِ مَنْفَعَةَ الْبَقَرِ لِيَعْمَلَ بِهِ فِي نَصِيبِ نَفْسِهِ، وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ كُلُّهُ مِنْ الْعَامِلِ، وَالْبَقَرُ مِنْ الدَّافِعِ وَالشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ بِإِزَاءِ مَنْفَعَةِ عَمَلِهِ فِي نَصِيبِ مَنْفَعَةِ الْبَقَرِ لَهُ بِزِرَاعَتِهِ نَصِيبَ نَفْسِهِ، وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلزِّرَاعَةِ ثُمَّ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ، وَلِلْآخَرِ مِثْلُ أَجْرِ بَقَرِهِ وَأَجْرِ مِثْلِ نِصْفِ الْأَرْضِ يَسْتَوْفِي الزَّارِعُ نِصْفَ الْخَارِجِ فَيَطِيبُ لَهُ، وَيَأْخُذُ مِنْ النِّصْفِ الْآخَرِ نِصْفَ الْبَذْرِ، وَنِصْفَ أَجْرِ الْبَقَرِ، وَنِصْفَ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ، وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَطَا الثُّلُثَيْنِ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: ازْرَعْ نَصِيبِي مِنْ الْأَرْضِ بِبَذْرِك وَبَقَرِي عَلَى أَنَّ لَك ثُلُثَ الْخَارِجِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْبَقَرَ إذَا كَانَ مَشْرُوطًا عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ وَلَا بَذْرَ مِنْ قِبَلِهِ إنَّ الْمُزَارَعَةَ تَكُونُ فَاسِدَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ اجْتِمَاعِ صَاحِبِ الْأَرْضِ مَعَ الْآخَرِ عَلَى الْعَمَلِ وَالْبَذْرُ مَشْرُوطٌ عَلَيْهِمَا]

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا بِنَفْسِهِ وَبَقَرِهِ، وَالْبَذْرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهَذِهِ مُزَارَعَةٌ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ الدَّافِعَ يَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: ازْرَعْ نَصِفَ الْأَرْضِ بِبَذْرِي عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ كُلَّهُ لِي، وَازْرَعْ نَصِفَ الْأَرْضِ بِبَذْرِك عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ كُلَّهُ لَك، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ صَحِيحٌ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا اسْتَعَانَ بِالْعَامِلِ، وَالْآخَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>