فِي جَانِبِهَا يَتَنَصَّفُ بِالرِّقِّ كَمَا يَتَنَصَّفُ الْحِلُّ فِي جَانِبِهِ بِالرِّقِّ فَتَزَوَّجَ الْعَبْدُ امْرَأَتَيْنِ، وَالْحُرُّ أَرْبَعًا، وَإِذَا انْتَصَفَ الْحِلُّ بِرِقِّهَا فَإِذَا أُعْتِقَتْ ازْدَادَ الْحِلُّ وَبِحَسَبِهِ يَزْدَادُ الْمِلْكُ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ فِي بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِإِذْنِ مَوْلَاهَا ثُمَّ أَدَّتْ فَعَتَقَتْ يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ؛ لِزِيَادَةِ الْمِلْكِ عَلَيْهَا عِنْدَنَا، وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ هُنَا؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ فِي الْأَمَةِ؛ لِنُفُوذِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا؛ وَسَلَامَةِ الْمَهْرِ لِمَوْلَاهَا، وَهَذَا غَيْرُ مَوْجُودٍ هُنَا فَإِنَّ الْمَهْرَ لَهَا، وَالنِّكَاحُ مَا انْعَقَدَ إلَّا بِرِضَاهَا، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: إنْ أَعَانَهَا عَلَى أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ لَا خِيَارَ لَهَا، وَإِنْ لَمْ يُعِنْهَا فَلَهَا الْخِيَارُ، وَلَكِنَّ الصَّحِيحَ الْمُوَافِقَ لِتَعْلِيلِ صَاحِبِ الشَّرْعِ مَا بَيَّنَّاهُ.
(قَالَ:) وَلَوْ كَانَتْ حُرَّةً فِي أَصْلِ الْعَقْدِ ثُمَّ صَارَتْ أَمَةً ثُمَّ عَتَقَتْ بِأَنْ ارْتَدَّتْ امْرَأَةٌ مَعَ زَوْجِهَا وَلَحِقَا بِدَارِ الْحَرْبِ مَعًا وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ ثُمَّ سُبِيَا مَعًا فَأُعْتِقَتْ الْأَمَةُ فَلَهَا الْخِيَارُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَا خِيَارَ لَهَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -؛ لِأَنَّ بِأَصْلِ الْعَقْدِ يَثْبُتُ عَلَيْهَا مِلْكٌ كَامِلٌ بِرِضَاهَا ثُمَّ انْتَقَضَ الْمِلْكُ فَإِذَا أُعْتِقَتْ عَادَ الْمِلْكُ إلَى أَصْلِهِ كَمَا كَانَ فَلَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لَهَا وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: بِالْعِتْقِ مَلَكَتْ أَمْرَ نَفْسِهَا، وَازْدَادَ مِلْكُ الزَّوْجِ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ مُثْبِتٌ الْخِيَارَ لَهَا شَرْعًا، وَلَمَّا صَارَتْ أَمَةً حَقِيقَةً الْتَحَقَتْ بِاَلَّتِي كَانَتْ أَمَةً فِي الْأَصْلِ فِي حُكْمِ النِّكَاحِ، فَيَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ بِالْعِتْقِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ
[بَابُ الْعِنِّينِ]
(قَالَ:) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَلَغَنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: يُؤَجَّلُ الْعِنِّينُ سَنَةً، فَإِنْ وَصَلَ إلَى امْرَأَتِهِ فَهِيَ امْرَأَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَجَعَلَهَا تَطْلِيقَةً بَائِنَةً وَجَعَلَ لَهَا الْمَهْرَ كَامِلًا وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَبِهَذَا أَخَذَ عُلَمَاؤُنَا، بِخِلَافِ مَا يَقُولُهُ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لِامْرَأَةِ الْعِنِّينِ أَصْلًا؛ لِحَدِيثِ «امْرَأَةِ رِفَاعَةَ، فَإِنَّهَا تَزَوَّجَتْ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلَمْ يَصِلْ إلَيْهَا فَجَاءَتْ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَتْ: إنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَنِي فَأَبَتَّ طَلَاقِي وَتَزَوَّجْتُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَلَمْ أَجِدْ مِنْهُ إلَّا مِثْلَ هُدْبَةِ ثَوْبِي، تَحْكِي ضَعْفَ حَالِهِ فِي بَابِ النِّسَاءِ، فَلَمْ يُخَيِّرْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَجَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَذَكَرَتْ أَنَّ زَوْجَهَا لَا يَصِلُ إلَيْهَا فَقَالَ: وَلَا وَقْتَ السَّحَرِ، فَقَالَتْ: وَلَا وَقْتَ السَّحَرِ، فَقَالَ: هَلَكْتُ وَأَهْلَكْتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute