مَا أَنَا بِمُفَرِّقٍ بَيْنَكُمَا، وَلِأَنَّهُ عَاجِزٌ مَعْذُورٌ فَيَكُونُ مُنْظَرًا بِإِنْظَارِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَكِنَّا نَسْتَدِلُّ بِحَدِيثِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْعِنِّينِ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ الْمَهْرَ كَامِلًا، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَوْا عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ تِلْكَ الْمَرْأَةَ قَالَتْ: لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْهُ إلَّا مَرَّةً، وَفِي هَذَا لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا عِنْدَنَا، وَامْرَأَةُ رِفَاعَةَ بِمَا ذَكَرَتْ حَكَتْ صِغَرَ مَتَاعِهِ لَا الْعُنَّةَ، وَفِي مِثْلِ هَذَا عِنْدَنَا لَا تُخَيَّرُ ثُمَّ هُوَ مَعْذُورٌ، وَلَكِنَّهُ فِي إمْسَاكِهَا ظَالِمٌ؛ لِأَنَّهُ يَنْسَدُّ عَلَيْهَا بَابُ قَضَاءِ الشَّهْوَةِ بِنِكَاحِهِ، وَلَا حَاجَةَ بِهِ إلَيْهَا فَوَجَبَ رَفْعُ الظُّلْمِ عَنْهَا، وَلِأَنَّ مَقْصُودَهَا بِالْعَقْدِ قَدْ فَاتَ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهَا أَنْ تَسْتَعِفَّ بِهِ وَتُحَصِّلَ بِهِ صِفَةَ الْإِحْصَانِ لِنَفْسِهَا، وَفَوَاتُ الْمَقْصُودِ بِالْعَقْدِ أَصْلًا يُثْبِتُ لِلْعَاقِدِ حَقَّ رَفْعِ الْعَقْدِ، وَهِيَ تَحْتَاجُ إلَى تَقْرِيرِ مَهْرِهَا أَيْضًا، وَتَمَامُ ذَلِكَ بِالِاتِّفَاقِ يَحْصُلُ بِالدُّخُولِ، فَإِذَا انْسَدَّ عَلَيْهَا الْبَابُ يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ، إلَّا أَنَّ الْعَجْزَ قَدْ يَكُونُ لِآفَةٍ فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ وَقَدْ يَكُونُ لِعَارِضٍ، وَإِنَّمَا يَتَبَيَّنُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ بِالْمُدَّةِ فَلِهَذَا يُؤَجَّلُ، وَالْأَجَلُ فِي هَذَا سَنَةٌ كَمَا اتَّفَقَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - الْأَسَى، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن نَوْفَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: الْأَجَلُ عَشَرَةُ أَشْهُرٍ، وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا بِالسَّنَةِ؛ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ لِإِبْلَاءِ الْعُذْرِ وَالْحَوْلُ حَسَنٌ فِي ذَلِكَ قَالَ قَائِلُهُمْ: وَمَنْ يَبْكِ حَوْلًا كَامِلًا فَقَدْ اعْتَذَرَ
وَلِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْ الْوُصُولِ قَدْ يَكُونُ بِعِلَّةِ الرُّطُوبَةِ، وَإِنَّمَا يُعَالَجُ ذَلِكَ فِي فَصْلِ الْحَرِّ وَالْيُبُوسَةِ مِنْ السَّنَةِ، وَقَدْ يَكُونُ لِغَلَبَةِ الْحَرَارَةِ، وَإِنَّمَا يُعَالَجُ ذَلِكَ فِي فَصْلِ الْبَرْدِ، وَقَدْ يَكُونُ لِغَلَبَةِ الْيُبُوسَةِ، وَإِنَّمَا يُعَالَجُ فِي فَصْلِ الرُّطُوبَةِ فَقَدَّرْنَا الْأَجَلَ بِحَوْلٍ حَتَّى يُعَالِجَ نَفْسَهُ فَيُوَافِقَهُ الْعِلَاجُ فِي فَصْلٍ مِنْ فُصُولِ السَّنَةِ فَيَبْرَأَ، فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةُ وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهَا عُلِمَ أَنَّ الْآفَةَ فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ، وَلِهَذَا قَالُوا: يُقَدَّرُ بِسَنَةٍ شَمْسِيَّةٍ أَخْذًا بِالِاحْتِيَاطِ، فَرُبَّمَا تَكُونُ مُوَافَقَةُ الْعِلَاجِ فِي الْأَيَّامِ الَّتِي يَقَعُ التَّفَاوُتُ فِيهَا بَيْنَ الْقَمَرِيَّةِ وَالشَّمْسِيَّةِ، وَابْتِدَاءُ التَّأْجِيلِ مِنْ وَقْتِ الْخُصُومَةِ حَتَّى إذَا صَبَرَتْ مُدَّةً ثُمَّ خَاصَمَتْ، فَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ قَدْ وَصَلَ إلَيْهَا سَأَلَهَا الْقَاضِي أَبِكْرٌ هِيَ أَمْ ثَيِّبٌ، فَإِنْ قَالَتْ: ثَيِّبٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْفَحْلِ أَنَّهُ إذَا خَلَا بِأُنْثَى نَزَا عَلَيْهَا، وَفِي الدَّعَاوَى الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ الظَّاهِرُ، وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا أَرَاهَا الْقَاضِي النِّسَاءَ، فَإِنَّ الْبَكَارَةَ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا الرِّجَالُ، وَالْمَرْأَةُ الْوَاحِدَةُ تَكْفِي لِذَلِكَ وَالْمَثْنَى أَحْوَطُ؛ لِأَنَّ طُمَأْنِينَةَ الْقَلْبِ إلَى قَوْلِ الْمَثْنَى أَكْثَرُ، فَإِنْ قُلْنَ إنَّهَا بِكْرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، وَكَذَلِكَ إنْ أَقَرَّ الزَّوْجُ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا وَيُؤَجِّلُهُ الْقَاضِي سَنَةً فَيَأْمُرُهُ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute