للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَجُلًا وَقَدْ أَخَذَ أُذُنَ شَاةٍ، وَهُوَ يَجُرُّهَا إلَى الْمَذْبَحِ فَقَالَ: قُدْهَا إلَى الْمَوْتِ قَوْدًا رَفِيقًا، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: خُذْ سَاقَهَا، فَإِنَّ اللَّهَ يَرْحَمُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ» وَالْمَعْنَى أَنَّهَا تَعْرِفُ مَا يُرَادُ بِهَا، كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَرِ «مَا هِبْت الْبَهَائِمَ إلَّا عَنْ أَرْبَعَةٍ خَالِقِهَا، وَرَازِقِهَا، وَحَتْفِهَا، وَسِفَادِهَا» فَإِذَا كَانَتْ تَعْرِفُ ذَلِكَ وَهُوَ يُحِدُّ الشَّفْرَةَ بَيْنَ يَدَيْهَا فَفِيهِ زِيَادَةُ إيلَامٍ غَيْرِ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يُحِدَّ الشَّفْرَةَ، وَلَكِنَّ الشَّاةَ لَا تَحْرُمُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا؛ لِأَنَّ مَا هُوَ الْمَطْلُوبُ مِنْ الذَّكَاةِ، وَهِيَ تَسْيِيلُ الدَّمِ النَّجِسِ مِنْهَا قَدْ وُجِدَ، وَالنَّهْيُ لِمَعْنًى فِي غَيْرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، فَلَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلْحُرْمَةِ، وَقَدْ وُجِدَ

(وَعَنْ) رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَأَفْرَى الْأَوْدَاجَ فَكُلْ مَا عَدَا السِّنَّ وَالظُّفْرَ وَالْعَظْمَ فَإِنَّهَا مُدَى الْحَبَشَةِ» وَالْمُرَادُ بَيَانُ آلَةِ الذَّبْحِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِلذَّكَاةِ آلَةٌ مُحَدَّدَةٌ يَحْصُلُ بِهَا إنْهَارُ الدَّمِ، وَإِفْرَاءُ الْأَوْدَاجِ، وَالْإِنْهَارُ التَّسْيِيلُ، وَمِنْهُ سُمِّيَ النَّهْرُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ يَسِيلُ فِيهِ، وَالنَّهَارُ تَجْرِي فِيهِ الشَّمْسُ بِمَرْأَى الْعَيْنِ مِنْ الْعِبَادِ، وَالْإِفْرَاءُ الْقَطْعُ، وَالْمُرَادُ بِالْأَوْدَاجِ الْحُلْقُومُ وَالْمَرِيءُ وَالْوَدَجَانِ، وَفِي هَذَا بَيَانُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ الذَّكَاةِ تَمْيِيزُ الطَّاهِرِ مِنْ النَّجِسِ بِتَسْيِيلِ الدَّمِ مِنْ الْحَيَوَانِ، وَالْمُرَادُ بِمَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ السِّنِّ وَالظُّفْرِ الْمُرَكَّبِ؛ لِأَنَّهُ بِاسْتِعْمَالِ ذَلِكَ يَصِيرُ قَاتِلًا لَا ذَابِحًا، فَإِنَّهُمَا مِنْهُ، وَآلَةُ الذَّبْحِ غَيْرُ الذَّابِحِ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ بِانْقِطَاعِ الْأَوْدَاجِ بِالْقُوَّةِ لَا بِحِدَّةِ الْآلَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ: فَإِنَّهَا مُدَى الْحَبَشَةِ، وَهُمْ إنَّمَا يُعْتَادُونَ الذَّبْحَ بِسِنِّ أَنْفُسِهِمْ، وَظُفُرِ أَنْفُسِهِمْ، وَذَلِكَ يَحْرُمُ بِالِاتِّفَاقِ، فَأَمَّا فِي الذَّبْحِ بِالسِّنِّ الْمَقْلُوعَةِ وَالظُّفُرِ الْمَنْزُوعَةِ وَالْعَظْمِ الْمُنْفَصِلِ إذَا كَانَ مَحْدُودًا اخْتِلَافٌ نُبَيِّنُهُ

[ذَبِيحَةِ الْأَخْرَسِ]

(وَعَنْ) عَامِرٍ قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَبِيحَةِ الْأَخْرَسِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَبِهِ نَأْخُذُ، فَإِنَّ إشَارَةَ الْأَخْرَسِ وَتَحْرِيكَهُ الشَّفَتَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْبَسْمَلَةِ مِنْ النَّاطِقِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَصِيرُ بِهِ شَارِعًا فِي الصَّلَاةِ، كَمَا يَكُونُ النَّاطِقُ شَارِعًا بِالتَّكْبِيرِ، ثُمَّ الْأَهْلِيَّةُ لِلذَّبْحِ يَكُونُ لِلذَّابِحِ مِنْ أَهْلِ تَسْمِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْخُلُوصِ، وَذَلِكَ بِاعْتِقَادِهِ التَّوْحِيدَ، وَالْأَخْرَسُ مُعْتَقِدٌ لِذَلِكَ ثُمَّ الْمُحَرَّمُ بَعْدَهُ الْإِعْرَاضُ عَنْ التَّسْمِيَةِ، وَلَا يَتَحَقَّقُ الْإِعْرَاضُ مِنْ الْأَخْرَسِ فَعُذْرُهُ أَبْلَغُ مِنْ عُذْرِ النَّاسِي، وَإِذَا كَانَ بِعُذْرِ النِّسْيَانِ يَنْعَدِمُ الْإِعْرَاضُ، فَبِعُذْرِ الْخَرَسِ أَوْلَى.

(وَعَنْ) عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الرَّجُلِ إذَا ذَبَحَ الشَّاةَ أَوْ الطَّيْرَ فَقَطَعَ رَأْسَهُ قَالَ: لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ، (وَعَنْهُ) أَنَّهُ قَالَ تِلْكَ ذَكَاةٌ وَحِيَّةٌ أَيْ سَرِيعَةٌ.

(وَعَنْ) عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ ضَرَبَ عُنُقَ بَطَّةٍ بِالسَّيْفِ فَسَبَقَ فَأَمَاتَهُ قَالَ: يُؤْكَلُ وَبِهِ نَأْخُذُ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا هُوَ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ، وَهُوَ قَطْعُ الْحُلْقُومِ وَالْأَوْدَاجِ، وَزَادَ عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ بَدَأَ بِالْقَطْعِ مِنْ قِبَلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>