أَوْ فَقَأَ - عَيْنَهَا فَأَخَذَ الْمُشْتَرِي أَرْشَ ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَتْ الْجَارِيَةُ عِنْدَهُ ضَمِنَ قِيمَتَهَا، وَالْأَرْشُ وَالْمَهْرُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا مِنْ، وَقْتِ الْقَبْضِ فَيَتَقَرَّرُ مِلْكُهُ فِيهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ فَكَانَ الْأَرْشُ، وَالْعُقْرُ حَاصِلًا بَعْدَ مِلْكِهِ فَيَكُونُ لَهُ.
وَهَذَا بِخِلَافِ الْوَلَدِ فَإِنَّهَا لَوْ، وَلَدَتْ ثُمَّ مَاتَتْ فَالْمُشْتَرِي ضَامِنٌ لِقِيمَتِهَا، وَعَلَيْهِ رَدُّ الْوَلَدِ مَعَ رَدِّ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ بِعِوَضٍ عَنْ جُزْءٍ مَضْمُونٍ مِنْهَا، وَإِنَّمَا يَتَقَرَّرُ لَهُ الْمِلْكُ بِالضَّمَانِ فَيَتَقَرَّرُ الْمِلْكُ فِي الْمَضْمُونِ أَوْ فِيمَا هُوَ عِوَضٌ عَنْ الْمَضْمُونِ أَوْ فِيمَا هُوَ تَبَعٌ لِلْمَضْمُونِ؛ لِأَنَّ التَّبَعَ يَمْلِكُ بِمِلْكِ الْأَصْلِ، وَالْوَلَدُ بَعْدَ الِانْفِصَالِ لَيْسَ بِمَضْمُونٍ، وَلَا هُوَ عِوَضٌ عَنْ الْمَضْمُونِ، وَلَا هُوَ تَبَعٌ لِلْمَضْمُونِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ وُجُوبُ رَدِّ الْوَلَدِ بِتَقَرُّرِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ فَأَمَّا الْأَرْشُ فَبَدَلُ جُزْءٍ مَضْمُونٍ، وَقَدْ سَلَّمَ بَدَلَ هَذَا الْجُزْءِ لِمُشْتَرِي الشِّرْبِ حِينَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا صَحِيحَةً فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسَلَّمَ لَهُ بَدَلٌ آخَرُ إذْ لَا يُسَلَّمُ لِلْمَرْءِ بَدَلَانِ عَنْ شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَكَذَلِكَ الْمَهْرُ فَإِنَّهُ عِوَضٌ عَنْ الْمُسْتَوْفِي بِالْوَطْءِ، وَالْمُسْتَوْفِي بِالْوَطْءِ فِي حُكْمِ جُزْءٍ مِنْ الْعَيْنِ، وَقَدْ ضَمِنَ قِيمَةَ جَمِيعِ الْعَيْنِ فَيُسَلِّمُ لَهُ مَا كَانَ بَدَلُ جُزْءٍ مِنْ الْعَيْنِ فَإِنْ قِيلَ: الْمُسْتَوْفِي بِالْوَطْءِ فِي حُكْمِ جُزْءٍ، وَلَكِنَّهُ جُزْءٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ (أَلَا تَرَى) أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ بِالْوَطْءِ نُقْصَانٌ فِيهَا، وَتَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْعُقْرِ مِنْ الْوَاطِئِ رَدَّهَا الْمُشْتَرِي، وَلَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا قُلْنَا نَعَمْ الْمُسْتَوْفِي بِالْوَطْءِ جُزْءٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ حَقِيقَةً، وَلَكِنَّهُ فِي حُكْمِ جُزْءٍ مِنْ الْعَيْنِ الَّذِي هُوَ مَضْمُونٌ، وَلِهَذَا قُلْنَا إنَّ وَطْءَ الْمُشْتَرِي يَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ أَوْ بِمَنْزِلَةِ جُزْءٍ هُوَ ثَمَرَهُ كَالْكَسْبِ فَالْكَسْبُ تَبَعٌ لِلْمَضْمُونِ فِي حُكْمِ الْمِلْكِ فَكَذَلِكَ الْعُقْرُ الْمُسْتَوْفِي مِنْ الْوَاطِئِ فَإِنْ قِيلَ: فَالْوَلَدُ أَيْضًا خَلْفٌ عَنْ جُزْءٍ هُوَ مَضْمُونٌ، وَهُوَ النُّقْصَانُ الْمُتَمَكِّنُ بِالْوِلَادَةِ، وَلِهَذَا يَنْجَبِرُ بِهِ قُلْنَا الْخِلَافَةُ بِحُكْمِ اتِّحَادِ السَّبَبِ لَا؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ، وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ رَدُّ الْعِوَضِ لِوُصُولِ مِثْلِهِ إلَى بَائِعِ الْجَارِيَةِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْوَلَدِ.
وَلَوْ كَانَتْ حَيَّةً فَأَخَذَ الْبَائِعُ الْجَارِيَةَ تَبِعَهَا الْأَرْشُ، وَالْمَهْرُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَرَّرْ مِلْكُ الْمُشْتَرِي فِيهَا بَلْ انْعَدَمَ مِنْ الْأَصْلِ بِرَدِّهَا؛ وَلِأَنَّهُ كَانَ يَلْزَمُهُ رَدُّ هَذَا الْجُزْءِ حَالَ قِيَامِهِ فَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ رَدُّ بَدَلِهِ مَعَ رَدِّ الْأَصْلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الْخِيَارِ فِي الشِّرْبِ.]
(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) وَإِذَا اشْتَرَى أَرْضًا بِشِرْبِهَا، وَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَفِي الْأَرْضِ زَرْعٌ قَدْ اشْتَرَطَهُ مَعَهَا ثُمَّ سَقَى الزَّرْعَ مِنْ ذَلِكَ الشِّرْبِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ سَقَى بِذَلِكَ الشِّرْبِ زَرْعًا فِي أَرْضٍ أُخْرَى أَوْ نَخْلًا أَوْ شَجَرًا فَهَذَا رِضًا، وَقَطْعٌ لِلْخِيَارِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي الْمُشْتَرَى تَصَرُّفًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute