للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَوْلَى عِوَضًا عَنْ مِلْكِهِ وَهُنَا الْأَجْرُ يَجِبُ شَيْئًا فَشَيْئًا بِحَسَبِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْ الْمَنْفَعَةِ أَوْ يَتَجَدَّدُ انْعِقَادُ الْعَقْدِ عَلَى أَحَدِ الطَّرِيقَيْنِ هُنَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَجَّرَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِرِضَاهُ فَيَكُونُ الْأَجْرُ لِلْعَبْدِ إلَّا أَنَّ الْمَوْلَى هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى قَبْضَهُ لِأَنَّ الْوُجُوبَ بِعَقْدِهِ.

وَحُقُوقُ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِالْعَاقِدِ وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ وِلَايَةُ أَنْ يَقْبِضَهَا إلَّا بِوَكَالَةِ الْمَوْلَى وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْعَقْدَ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ الْمُضِيَّ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ أَسْقَطَ خِيَارَهُ كَالْمُعْتَقَةِ إذَا اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ عَجَّلَ الْأُجْرَةَ كُلَّهَا لِلْمَوْلَى قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ الْعَبْدُ شَيْئًا فِي أَوَّلِ الْإِجَارَةِ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ إلَّا خَصْلَةً وَاحِدَةً إذَا اخْتَارَ الْعَبْدُ الْمُضِيَّ عَلَى الْإِجَارَةِ فَالْأَجْرُ كُلُّهُ لِلْمَوْلَى لِأَنَّهُ مَلَكَ الْأَجْرَ بِالْقَبْضِ وَمَا مَلَكَهُ الْمَوْلَى مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ يَبْقَى عَلَى مِلْكِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ مَا مَلَكَ الْأَجْرَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ هُنَاكَ وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا بِحَسَبِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَإِنْ فَسَخَ الْعَبْدُ الْإِجَارَةَ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ فَعَلَى الْمَوْلَى رَدُّ حِصَّةِ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْرِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا لَوْ تَفَاسَخَا الْعَقْدَ وَهَذَا لِأَنَّ الْمَوْلَى أَكْسَبَ سَبَبَ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْعَبْدِ وَفَسَخَ الْعَقْدَ مِنْ الْعَبْدِ بِنَاءً عَلَيْهِ فَيَصِيرُ مُضَافًا إلَى الْمَوْلَى فَلِهَذَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ وَإِذَا اخْتَارَ الْمُضِيَّ فَقَدْ بَقِيَ الْعَقْدُ عَلَى مَا بَاشَرَ الْمَوْلَى وَالْمِلْكُ فِي جَمِيعِ الْأَجْرِ قَدْ ثَبَتَ لِلْمَوْلَى بِذَلِكَ الْعَقْدِ فَيَبْقَى وَلَا يَتَحَوَّلُ شَيْءٌ مِنْهُ إلَى الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ الْأَجْرُ شَيْئًا بِعَيْنِهِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْوُجُوهِ فَالْجَوَابُ فِيهِ وَالْجَوَابُ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ سَوَاءٌ وَهَذَا أَظْهَرُ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ لَمَّا كَانَتْ بِعَيْنِهَا لَا تُمْلَكُ قَبْلَ التَّعْجِيلِ وَلَا تَجِبُ وُجُوبًا مُؤَجَّلًا وَلَا حَالًّا وَفِي الْأَجْرِ إذَا كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ كَلَامٌ أَنَّهُ هَلْ يَجِبُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وُجُوبًا مُؤَجَّلًا أَمْ لَا؟ فَإِذَا كَانَ هُنَاكَ حِصَّةُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ لِلْعَبْدِ فَهُنَا أَوْلَى

[الْعَبْدِ إذَا وَلِيَ إجَارَةَ نَفْسِهِ بِإِذْنِ الْمَوْلَى.]

(قَالَ) وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْعَبْدِ إذَا وَلِيَ إجَارَةَ نَفْسِهِ بِإِذْنِ الْمَوْلَى إلَّا أَنَّ الْعَبْدَ هُوَ الَّذِي يَلِي الْقَبْضَ هُنَا إذَا اخْتَارَ الْمُضِيَّ عَلَى الْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِلْعَقْدِ وَحُقُوقُ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِالْعَاقِدِ وَهُوَ الَّذِي يُطَالَبُ بِرَدِّ مَا يَجِبُ رَدُّهُ مِنْ الْمَقْبُوضِ عِنْدَ الْفَسْخِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَبَضَهُ بِحُكْمِ الْعَقْدِ ثُمَّ يَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْمَوْلَى بِهِ عَيْنًا كَانَ ذَلِكَ فِي يَدِ الْمَوْلَى أَوْ مُسْتَهْلَكًا لِأَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَ بَعْدَ الْعِتْقِ وَالْفَسْخِ وَهُوَ مَنْ أَهْلِ أَنْ يَسْتَوْجِبَ عَلَى مَوْلَاهُ دَيْنًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَقَدْ لَزِمَهُ هَذَا الدَّيْنُ بِسَبَبٍ كَانَ هُوَ فِي مُبَاشَرَتِهِ عَامِلًا لِمَوْلَاهُ بِإِذْنِهِ فَيَثْبُتُ لَهُ بِهِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ سُؤَالًا فَقَالَ: كَيْفَ يَكُونُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَهُوَ الَّذِي يَلِيهَا؟ ثُمَّ أَجَابَ فَقَالَ: لِأَنَّهَا تَمَّتْ فِي حَالِ رِقِّهِ بِإِذْنِ الْمَوْلَى فَكَأَنَّ الْمَوْلَى هُوَ الَّذِي بَاشَرَ الْعَقْدَ أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ أَمَةً زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِإِذْنِ مَوْلَاهَا ثُمَّ عَتَقَتْ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>