ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِغَصْبٍ تَامٍّ وَفِي الطَّعَامِ يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ بِالنَّقْلِ وَالتَّحْوِيلِ فَكَانَ هُوَ فِي قَوْلِهِ: لَمْ أَنْقُلْهُ رَاجِعًا عَمَّا أَقَرَّ بِهِ فَلَمْ يُصَدَّقْ وَكَانَ ضَامِنًا لِلطَّعَامِ وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُوَ ضَامِنٌ لِلْبَيْتِ أَيْضًا وَمَسْأَلَةُ غَصْبِ الْعَقَارِ مَعْرُوفَةٌ.
وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُهُ يَوْمًا وَرَدَدْتُهُ عَلَيْهِ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى الرَّدِّ وَإِنْ كَانَ كَلَامًا مَوْصُولًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إلَى بَيَانِ صَدْرِ الْكَلَامِ بَلْ هُوَ دَعْوَى مُبْتَدِئٍ أَيْ أَوْفَيْتُهُ مَا لَزِمَنِي مِنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ وَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ فَأَمَّا دَعْوَاهُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ لَا تَكُونُ صَحِيحَةً وَلَكِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُنْكِرِ لِلرَّدِّ كَالْمُقِرِّ بِالدَّيْنِ إذَا ادَّعَى الْإِيفَاءَ وَالْإِبْرَاءَ كَلَامًا مَوْصُولًا
وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُهُ ثَوْبًا مِنْ عَيْنِهِ أَوْ تَمْرًا مِنْ قَوْصَرَّةٍ أَوْ طَعَامًا مِنْ بَيْتٍ أَوْ ظَهْرَ دَابَّةٍ ضَمِنَ التَّمْرَ وَالثَّوْبَ وَالطَّعَامَ خَاصَّةً لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ كَانَ لِبَيَانِ أَنَّ انْتِزَاعَ الْمَغْصُوبِ كَانَ بَيْنَ هَذَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ غَصَبْتُهُ ثَوْبًا مِنْ يَدِهِ يَكُونُ إقْرَارُهُ بِالْغَصْبِ فِي الثَّوْبِ دُونَ يَدِهِ فَكَذَلِكَ مَا سَبَقَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ إقْرَارِ الْمُفَاوَضَةِ بِالدَّيْنِ]
(بَابُ إقْرَارِ الْمُفَاوَضَةِ بِالدَّيْنِ) قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ بِدَيْنٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مِنْ تِجَارَتِهِمَا يُوَحَّدُ شَرِيكُهُ بِهِ فِي الْحَالِ وَفِيهِ طَرِيقَانِ لَنَا: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُتَفَاوِضَيْنِ فِي حُقُوقِ التِّجَارَةِ صَارَا بِمَنْزِلَةِ شَخْصٍ وَاحِدٍ وَمُبَاشَرَةُ أَحَدِهِمَا سَبَبُ وُجُوبِ الدَّيْنِ كَمُبَاشَرَتِهِمَا وَالْإِقْرَارُ مِنْ بَابِ التِّجَارَةِ فَوُجُودُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا كَوُجُودِهِ مِنْهُمَا وَالْأَصَحُّ أَنْ يَقُولَ وُجُوبُ الدَّيْنِ بِمُبَاشَرَةِ السَّبَبِ عَلَى مَنْ بَاشَرَهُ وَلَكِنَّ الشَّرِيكَ مُطَالَبٌ بِهِ بِسَبَبِ التَّحَمُّلِ الثَّابِتِ بِمُقْتَضَى صَدْرِ الْمُفَاوَضَةِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْمُفَاوَضَةِ يَقْتَضِي الْوَكَالَةَ الْعَامَّةَ وَالْكَفَالَةَ الْعَامَّةَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ فِي دُيُونِ التِّجَارَةِ فَإِنَّهَا تَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ بِهَذَا فَالْمُفَاوِضُ الْمُقِرُّ وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِإِقْرَارِهِ حَتَّى إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فِي الصِّحَّةِ كَانَ مُطَالَبًا بِهِ فِي الْحَالِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فِي الصِّحَّةِ فَحَقُّ غَرِيمِ الصِّحَّةِ مُقَدَّمٌ وَلَكِنَّ حَقَّ الْمُقَرِّ لَهُ فِي الْمَرَضِ ثَابِتٌ أَيْضًا حَتَّى إذَا فَرَغَتْ التَّرِكَةُ مِنْ حَقِّ غَرِيمِ الصِّحَّةِ صَرَفَ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْمَرَضِ وَإِذَا ثَبَتَ الْوُجُوبُ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ صَارَ الشَّرِيكُ مُطَالَبًا بِهِ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ وَتَأَخُّرِهِ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ لِمَكَانِ دَيْنِ الصِّحَّةِ لَا يُوجِبُ التَّأْخِيرَ فِي الشَّرِيكِ كَالْعَبْدِ الْمَحْجُورِ يُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ بِدَيْنٍ وَيَكْفُلُ الْبَيَانَ عَنْهُ، يُؤَاخِذُ الْكَفِيلَ فِي الْحَالِ بِهِ وَإِنْ كَانَ مُؤَخَّرًا فِي حَقِّ الْأَصْلِ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَهَذَا لَا تَأْجِيلَ فِي أَصْلِ الْمَالِ إنَّمَا التَّأْخِيرُ لِضَرُورَةِ انْعِدَامِ مَحَلِّ الْقَضَاءِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ فَيَكُونُ مُطَالَبًا فِي الْحَالِ بِإِيفَائِهِ وَلَوْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute