للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَكَذَا «قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَا تُعْطِ الْجَزَّارَ مِنْهَا شَيْئًا، وَقَالَ مَنْ بَاعَ جِلْدَ ضَحِيَّتِهِ فَلَا أُضْحِيَّةَ لَهُ»

(قَالَ): وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ هَدْيِ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ وَالتَّطَوُّعِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِهِ بِقَوْلِهِ {، فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا} [الحج: ٣٦] وَأَدْنَى مَا يَثْبُتُ بِالْأَمْرِ الِاسْتِحْبَابُ فَلِذَلِكَ يُسْتَحَبُّ لَهُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِأَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ، هَكَذَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ بَعَثَ بِهَدْيٍ مَعَ عَلْقَمَةَ فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِثُلُثٍ وَأَنْ يَأْكُلَ ثُلُثًا وَأَنْ يَبْعَثَ إلَى آلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِثُلُثٍ

[سَاقَ بَدَنَةً لَا يَنْوِي بِهَا الْهَدْيَ]

(قَالَ): وَإِنْ سَاقَ بَدَنَةً لَا يَنْوِي بِهَا الْهَدْيَ قَالَ: إذَا كَانَ سَاقَهَا إلَى مَكَّةَ فَهُوَ هَدْيٌ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهَذَا إذَا قَلَّدَهَا وَسَاقَهَا؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُفْعَلُ عَادَةً إلَّا بِالْهَدْيِ فَكَانَ سَوْقُهَا بَعْدَ إظْهَارِ عَلَامَةِ الْهَدْيِ عَلَيْهَا بِمَنْزِلَةِ جَعْلِهِ إيَّاهَا بِلِسَانِهِ هَدْيًا

(قَالَ): وَلَا يُجْزِي فِي الْهَدَايَا وَالضَّحَايَا إلَّا الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ إذَا كَانَ عَظِيمًا فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ أَوْ الثَّنِيُّ مِنْ الْمَعْزِ وَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ضَحُّوا بِالثُّنْيَانِ وَلَا تُضَحُّوا بِالْجِذْعَانِ» إلَّا أَنَّ الْجَذَعَ مِنْ الضَّأْنِ إذَا كَانَ عَظِيمًا يُجْزِي لِمَا رُوِيَ «أَنَّ رَجُلًا سَاقَ جِذْعَانًا إلَى مِنًى فَبَادَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ نِعْمَتْ الْأُضْحِيَّةُ الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ فَانْتَهِزُوهَا» وَلَمَّا «قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خُطْبَةِ يَوْمِ النَّحْرِ مَنْ ضَحَّى قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلْيُعِدْ، قَالَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ: إنِّي ذَبَحْتُ نُسُكِي لِأُطْعِمَ أَهْلِي وَجِيرَانِي، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ فَأَعِدْ نُسُكَكَ، فَقَالَ: عِنْدِي عَتُودٌ خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْنِ، فَقَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه يُجْزِيكَ وَلَا يُجْزِي أَحَدًا بَعْدَكَ» فَدَلَّ أَنْ مَا دُونَ الثَّنِيِّ مِنْ الْمَعْزِ لَا يَجُوزُ. وَالْجَذْعُ مِنْ الضَّأْنِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مَا أَتَى عَلَيْهِ سَبْعَةُ أَشْهُرٍ، وَعِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ مَا تَمَّ لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَالثَّنِيُّ مِنْ الْغَنَمِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مَا أَتَى عَلَيْهِ سَنَةٌ وَطَعَنَ فِي الثَّانِيَةِ، وَعِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ مَا تَمَّ لَهُ سَنَتَانِ، وَالثَّنِيُّ مِنْ الْمَعْزِ وَالْبَقَرِ مَا تَمَّ لَهُ سَنَتَانِ وَطَعَنَ فِي الثَّالِثَةِ، وَمِنْ الْإِبِلِ الْجَذْعُ مَا تَمَّ لَهُ أَرْبَعُ سِنِينَ وَالثَّنِيُّ مَا تَمَّ لَهُ خَمْسُ سِنِينَ

(قَالَ): وَلَا يُجْزِي فِي الْهَدَايَا الْعَوْرَاءُ أَوْ الْمَقْطُوعَةُ الذَّنَبِ أَوْ الْأُذُنِ اشْتَرَاهَا كَذَلِكَ أَوْ جَدَّتْ عِنْدَهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ لِحَدِيثِ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اسْتَشْرِفُوا الْعَيْنَ وَالْأُذُنَ» «وَنَهَى رَسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُضَحَّى بِالْعَوْرَاءِ الْبَيِّنِ عَوْرُهَا وَالْعَجْفَاءِ الَّتِي لَا تَبْقَى وَالْعَرْجَاءُ الَّتِي لَا تَمْشِي إلَى مَنْسِكِهَا» وَالْحَادِثُ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ بَعْدَ شِرَاءٍ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْجُودِ وَقْتَ الشِّرَاءِ فِي الْمَنْعِ مِنْ الْجَوَازِ، وَهَكَذَا إنْ أَضْجَعَهَا لِيَذْبَحَهَا فَأَصَابَهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْقِيَاسِ، وَلَكِنْ فِي الِاسْتِحْسَانِ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>