للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الرَّجُلَ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ فَكَانَ مُرْتَدًّا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ: وَأَمَرَنِي أَنْ أُخَمِّسَ مَالَهُ

[تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَزُفَّتْ إلَيْهِ أُخْرَى فَوَطِئَهَا]

(قَالَ) رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَزُفَّتْ إلَيْهِ أُخْرَى فَوَطِئَهَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ بِشُبْهَةٍ، وَفِيهِ قَضَى عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِسُقُوطِ الْحَدِّ وَوُجُوبِ الْمَهْرِ وَالْعِدَّةِ، وَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ وَطِئَ وَطْئًا حَرَامًا غَيْرَ مَمْلُوكٍ لَهُ، وَذَلِكَ مُسْقِطٌ إحْصَانَهُ، إلَّا فِي رِوَايَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَإِنَّهُ يَقُولُ: بُنِيَ الْحُكْمُ عَلَى الظَّاهِرِ فَقَدْ كَانَ هَذَا الْوَطْءُ حَلَالًا لَهُ فِي الظَّاهِرِ فَلَا يَسْقُطُ إحْصَانُهُ بِهِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: لَمَّا تَبَيَّنَ الْأَمْرُ بِخِلَافِ الظَّاهِرِ فَإِنَّمَا يَبْقَى اعْتِبَارُ الظَّاهِرِ فِي إيرَاثِ الشُّبْهَةِ وَبِالشُّبْهَةِ يَسْقُطُ الْحَدُّ، وَلَكِنْ لَا يُقَامُ الْحَدُّ

(قَالَ) وَلَوْ فَجَرَ بِامْرَأَةٍ فَقَالَ: حَسِبْتُهَا امْرَأَتِي فَعَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّ الْحُسْبَانَ وَالظَّنَّ لَيْسَ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ لَهُ أَنْ يَعْتَمِدَهُ فِي الْإِقْدَامِ عَلَى الْوَطْءِ بِخِلَافِ الزِّفَافِ وَخَبَرِ الْمُخْبِرِ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ فَإِنَّهُ دَلِيلٌ يَجُوزُ اعْتِمَادُهُ فِي الْإِقْدَامِ عَلَى الْوَطْءِ فَيَكُونُ مُورِثًا شُبْهَةً

(قَالَ) رَجُلٌ زَنَى بِأَمَةٍ ثُمَّ قَالَ: اشْتَرَيْتُهَا شِرَاءً فَاسِدًا، أَوْ عَلَى أَنْ لِلْبَائِعِ خِيَارًا فِيهِ، أَوْ ادَّعَى صَدَقَةً أَوْ هِبَةً وَكَذَّبَهُ صَاحِبُهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ دُرِئَ الْحَدُّ عَنْهُ؛ لِأَنَّ مَا ادَّعَاهُ لَوْ كَانَ ثَابِتًا لَكَانَ مُسْقِطًا لِلْحَدِّ عَنْهُ، فَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى ذَلِكَ كَمَا لَوْ ادَّعَى نِكَاحًا أَوْ شِرَاءً صَحِيحًا وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدًا أَوْ اسْتَحْلَفَ مَوْلَى الْأَمَةِ، فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ يُدْرَأُ الْحَدُّ عَنْهُ؛ لِأَنَّ انْعِقَادَ السَّبَبِ مُورِثٌ شُبْهَةً، وَإِنْ امْتَنَعَ ثُبُوتُ الْحُكْمِ لِمَانِعٍ، فَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: لَا بَيِّنَةَ لِي؛ لِأَنَّهُ مَتَى آلَ الْأَمْرُ إلَى الْخُصُومَةِ وَالِاسْتِحْلَافِ سَقَطَ حَدُّ الزِّنَا، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ بِالزِّنَا، وَشَهِدُوا أَنَّهُ أَقَرَّ بِذَلِكَ فَقَالَ لَسْتُ أَمْلِكُ الْجَارِيَةَ، ثُمَّ ادَّعَى عِنْدَ الْقَاضِي هِبَةً أَوْ بَيْعًا دُرِئَ عَنْهُ الْحَدُّ لِمَا قُلْنَا

[وَطِئَ جَارِيَةً لَهُ شِقْصٌ فِيهَا]

(قَالَ) وَمَنْ وَطِئَ جَارِيَةً لَهُ شِقْصٌ فِيهَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ حُرْمَتَهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ فِيهَا كَانَ مُبِيحًا لِلْوَطْءِ فَوُجُودُ جُزْءٍ مِنْهَا يَكُونُ مُسْقِطًا لِلْحَدِّ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَى نِسْبَةً ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْهُ وَصَارَتْ هِيَ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ؟ فَكَيْفَ يَلْزَمُهُ الْحَدُّ بِمِثْلِ هَذَا الْفِعْلِ؟ وَلَكِنْ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ مِنْ الْعُقْرِ إذَا لَمْ تَلِدْ.

(قَالَ) وَمَنْ أَعْتَقَ أَمَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَقَضَى عَلَيْهَا بِالسِّعَايَةِ لِشَرِيكِهِ فَوَطِئَهَا الشَّرِيكُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا فَوَقَعَ عَلَيْهَا الْآخَرُ قَبْلَ أَنْ يَضْمَنَ شَرِيكُهُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ نِصْفَهَا، وَلَوْ ضَمِنَ شَرِيكُهُ ثُمَّ وَطِئَهَا الْمُعْتِقُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَسْعِيهَا فِيمَا ضَمِنَ فَتَكُونُ كَالْمُكَاتَبَةِ لَهُ، وَإِنْ وَطِئَهَا الشَّرِيكُ بَعْدَ مَا ضَمِنَ شَرِيكُهُ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّهَا مُكَاتَبَةُ غَيْرِهِ، وَزَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا عِنْدَهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>