وَبِالِاسْتِحْقَاقِ يَتَقَرَّرُ مَعْنَى الزِّنَا.
، وَأَمَّا فِي الْجَارِيَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ كَسْبِهِ فَإِقْرَارُهُ بِوَطْئِهَا صَحِيحٌ، وَذَلِكَ لَيْسَ بِزِنًا يُوجِبُ الْحَدَّ حَتَّى يَتَعَلَّقَ بِهِ ثُبُوتُ النَّسَبِ إذَا ادَّعَاهُ فَإِذَا اُسْتُحِقَّتْ أَخَذَهُ بِالْعُقْرِ فِي الْحَالِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ بَاشَرَ وَطْأَهَا بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ؛ وَلِأَنَّ وُجُوبَ الْمَهْرِ هَاهُنَا بِاعْتِبَارِ سَبَبٍ هُوَ تِجَارَةٌ فَيُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ، وَقَدْ بَيَّنَّا الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النِّكَاحِ.
وَإِذَا أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْعَبْدِ الْمَرْهُونِ فِي التِّجَارَةِ فَتَصَرَّفَ، وَلَحِقَهُ دَيْنٌ فَهُوَ مَرْهُونٌ عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّ قِيَامَ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ يَمْنَعُ الْمَوْلَى مِنْ اكْتِسَابِ سَبَبٍ يُثْبِتُ الدَّيْنَ بِهِ عَلَيْهِ فِي مُزَاحَمَةِ الْمُرْتَهِنِ، فَكَذَلِكَ إذَا أَذِنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فَلَحِقَهُ دَيْنٌ فَإِذَا اسْتَوْفَى الْمُرْتَهِنُ مَالَهُ بِيعَ فِي الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ، وَقَدْ سَقَطَ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ دَيْنِهِ شَيْءٌ فَلَا سَبِيلَ لِلْغُرَمَاءِ حَتَّى يُعْتَقَ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ مَرْهُونًا، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ تَاجِرًا، وَلَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ إنَّ مَوْلَى الْعَبْدِ وَهَبَ الْعَبْدَ، وَقَبَضَهُ جَازَتْ الْهِبَةُ، وَالدَّيْنُ لَازِمٌ عَلَيْهِ لِمَوْلَى الْعَبْدِ عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّهُ وَهَبَ الْعَبْدَ دُونَ الْمَالِ، وَالْمَالُ كَسْبُ الْعَبْدِ فِي ذِمَّةِ الْمَدْيُونِ فَهُوَ نَظِيرُ مَالٍ هُوَ عَيْنٌ فِي يَدِهِ فَلَا تَتَنَاوَلُهُ الْهِبَةُ، وَلَكِنَّهُ سَالِمٌ لِمَوْلَاهُ بَعْدَ إخْرَاجِهِ الْعَبْدَ مِنْ مِلْكِهِ بِالْهِبَةِ.
وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ دَيْنُ خَمْسِمِائَةٍ، وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ فَكَفَلَ لِرَجُلٍ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ ثُمَّ اسْتَدَانَ أَلْفًا أُخْرَى ثُمَّ كَفَلَ بِأَلْفٍ أُخْرَى ثُمَّ بِيعَ الْعَبْدُ بِأَلْفٍ فَيَقُولُ أَمَّا الْكَفَالَةُ الْأُولَى فَيَبْطُلُ نِصْفُهَا، وَيَضْرِبُ صَاحِبُهَا بِنِصْفِهَا فِي ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْفَارِغَ عَنْ مَالِيَّتِهِ عِنْدَ الْكَفَالَةِ الْأُولَى كَانَ بِقَدْرِ خَمْسِمِائَةٍ، وَكَفَالَتُهُ بِإِذْنِ الْمَوْلَى إنَّمَا تَصِحُّ فِيمَا هُوَ فَارِغٌ عَنْ مَالِيَّتِهِ عَنْ حَقِّ غَرِيمِهِ وَقْتَ الْكَفَالَةِ فَيَثْبُتُ مِنْ دَيْنِ الْمَكْفُولِ لَهُ الْأَوَّلِ مِقْدَارُ خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَالْكَفَالَةُ الثَّانِيَةُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَ كَفَلَ بِهَا لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ مَالِيَّتِهِ فَارِغًا فَيَضْرِبُ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ بِخَمْسِمِائَةٍ، وَصَاحِبُ الدَّيْنِ الثَّانِي بِجَمِيعِ دَيْنِهِ، وَهُوَ أَلْفٌ وَصَاحِبُ الْكَفَالَةِ الْأُولَى بِخَمْسِمِائَةٍ فَيَصِيرُ ثَمَنُ الْعَبْدِ، وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا غَيْرَ أَنَّك تَجْعَلُ كُلَّ خَمْسِمِائَةٍ سَهْمًا بِقَدْرِ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ يُسَلَّمُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ، وَمِثْلُهُ لِصَاحِبِ الْكَفَالَةِ الْأُولَى، وَمِقْدَارُ خَمْسِمِائَةٍ لِغَرِيمِ الْعَبْدِ الْآخَرِ، وَعَلَى هَذَا جَمِيعُ الْأَوْجُهِ وَقِيَاسُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[كِتَابُ الدِّيَاتِ]
(قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامِ الْأَجَلُّ الزَّاهِدُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) اعْلَمْ بِأَنَّ الْقَتْلَ بِغَيْرِ حَقٍّ مِنْ أَعْظَمِ الْجِنَايَاتِ بَعْدَ الْإِشْرَاكِ بِاَللَّهِ تَعَالَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute